بحَضرتِه كَلامَها ولا شَكواها إليه، أَلَا تَرَى أنهم سَمِعُوا قولَه لها:«أنتُم أحَبُّ النَّاسِ إلَيَّ» يُريدُ الأنصارَ قَومَ المرأةِ (١).
وقالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ ﵀: قولُه: «باب ما يَجوزُ أنْ يَخلوَ الرَّجلُ بالمرأةِ عندَ النَّاسِ» أي: لا يَخلُو بها بحَيثُ تَحتَجبُ أشخاصُهُما عنهم، بل بحَيثُ لا يَسمَعونَ كَلامَهما إذا كانَ بما يُخافتُ به، كالشَّيءِ الذي تَستحيِ المرأةُ مِنْ ذِكرِه بينَ الناسِ، وأخَذَ المُصنِّفُ قولَه في التَّرجمةِ (عندَ النَّاسِ) مِنْ قولِه في بعضِ طُرقِ الحديثِ: «فخَلا بها في بَعضِ الطُّرقِ، أو في بَعضِ السِّككِ» وهي الطُّرقُ المَسلوكةُ التي لا تَنفكُّ عن مُرورِ الناسِ غالبًا.
قولُه:«عن هِشامٍ» هوَ ابنُ زيدِ بنِ أنسٍ، وقد تَقدَّمَ في فَضائلِ الأنصارِ مِنْ طَريقِ بَهزِ بنِ أسَدٍ عن شُعبةَ أخبَرَني هِشامُ بنُ زَيدٍ، وكذا وقَعَ في رِوايةِ مُسلمٍ.
قَولُه:«جَاءتِ امرأةٌ مِنْ الأنصارِ إلى النبيِّ ﷺ» زادَ في رِوايةِ بَهزِ بنِ أسَدٍ: «ومَعَها صَبيٌّ لها، فكلَّمَها رسولُ اللهِ ﷺ»، قَولُه:«فخَلا بها رَسولُ اللهِ ﷺ» أي في بعضِ الطُّرقِ، قالَ المُهلَّبُ: لم يُرِدْ أنسٌ أنه خَلا بها بحيثُ غابَ عن أبصارِ مَنْ كانَ معه، وإنَّما خَلا بها بحَيثُ لا يَسمعُ مَنْ حضَرَ شَكواها ولا ما دارَ بينَهُما مِنْ الكَلامِ، ولهذا سَمِعَ أنسٌ آخِرَ الكَلامِ فنقَلَه، ولم يَنقلْ ما دارَ بينَهُما؛ لأنه لم يَسمَعْه. اه