للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حاجةٍ فزالَ عَقلُه وجبَ عليه القَضاءُ إذا أفاقَ؛ لأنَّه زالَ عَقلُه بمُحَرمٍ فلم يسقُط عنه الفَرضُ.

قالوا: وأمَّا النَّاسي لِلصَّلاةِ أو النَّائمُ عَنها والجاهِلُ لوُجوبِها فلا يجبُ عليهم الأَداءُ؛ لِعَدمِ تَكليفِهم، ويجبُ عليهم القَضاءُ؛ لحَديثِ: «مَنْ نَسيَ صَلاةً أو نَامَ عنها فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصلِّيَهَا إذا ذكرَهَا» رَواه مُسلمٌ، ويُقاسُ على النَّاسي والنَّائمِ الجاهِلُ إذا كانَ قَريبَ عَهدٍ بالإسلامِ (١).

أمَّا الحَنابلَةُ فإنَّهم قَصَروا عدَمَ وُجوبِ الصَّلاةِ على المَجنونِ الذي لا يُفيقُ؛ لحَديثِ عائِشِةَ مَرفوعًا: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثَلاثةٍ … » الحَديثَ، ولأنَّه ليس مِنْ أَهلِ التَّكليفِ أشبهَ الطِّفلَ ومِثلَه الأَبلَه الذي لا يُفيقُ.

أمَّا مَنْ تَغَطَّى عَقلُه بمرَضٍ أو إغماءٍ أو دَواءٍ مُباحٍ فإنَّه تَجبُ عليه الصَّلواتُ الخَمسُ؛ لأنَّ ذلك لا يُسقِطُ الصَّومَ، فكَذا الصَّلاةُ، فهو كالنَّائمِ، ولأنَّ عمَّارًا تَغشَّى ثَلاثًا، ثم أَفاقَ فقالَ: «هَلْ صلَّيتُ؟ قالُوا: مَا صلَّيتَ مُنذُ ثَلاث، ثم توضَّأَ وَصلَّى تلك الثَلاث» (٢)، وعن عِمرانَ بنِ حُصَينٍ وسَمُرَةَ بنِ جُندُبٍ نحوَهُ، ولم يُعرَف لهم مُخالِفٌ، فكانَ كالإجماعِ، ولأنَّ مدَّةَ الإغماءِ لا تَطولُ في الأغلَبِ، ولا تَثبُتُ عليه الوِلايَةُ بخِلافِ الجُنونِ.


(١) «المجموع» (٣/ ٧)، و «المهذب» (١/ ٥١)، و «مُغني المحتاج» (١/ ١٣١).
(٢) رواه ابن المنذر في «الأوسط» (٢٢٩٢) بإسناد ضعيف جدًّا، ورواه الدارَقُطني (٢/ ٨) بلفظ مُقارِب: أنَّ عَمارًا أُغمِيَ عليه في الظُّهر والعَصر والمَغرب والعِشاء، قالَ في نصب الراية (٢/ ١٧٧): وأفاق نصف الليل فصلى الظُّهر والعَصر والمَغرب والعِشاء (رواه البَيهَقي في المعرفة)، وقال الشافِعيُّ: هذا ليس بثابِتٍ عن عَمار، ولو ثَبَتَ فمَحمولٌ على الاستِحبابِ، واللهُ أعلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>