بذلكَ نُصرةَ مالِكٍ، فبلَغَ ذلكَ الرَّبيعَ فقالَ: كذَبَ، واللهِ الَّذي لا إلهَ إلَّا هو لقدْ نَصَّ الشَّافعيُّ على تَحريمِه في ستَّةِ كُتبٍ.
واستَدلَّ مَنْ ذهَبَ إلى إباحتِه بما رواهُ مالكٌ عن نافعٍ عنِ ابنِ عُمرَ: أنَّ رَجلًا أتَى امرأةً في دُبرِها فوجَدَ في ذلكَ وجْدًا شَديدًا، فأنزَلَ اللهُ تعالَى: ﴿نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٢٣]، وقالَ تعالَى: ﴿أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (١٦٥) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ﴾ [الشعراء: ١٦٥ - ١٦٦]، فدَلَّ على أنه أباحَ مِنْ الأزواجِ مثلَ ما حظَرَ مِنْ الذُّكرانِ، وقالَ تعالَى: ﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ﴾ [البقرة: ١٨٧]، فدَلَّ على أنَّ جَميعَهنَّ لِباسٌ يُستمتَعُ به على عُمومِه.
ولأنه لو استِثناهُ مَنْ عَقدِ النكاحِ فسَدَ، ولو أوقَعَ عليه الطَّلاقَ سَرَى إلى الباقي، فدَلَّ على أنهُ مَقصودٌ بالاستِمتاعِ، ولأنه أحَدُ الفَرْجينِ، فجازَ إتيانُه كالقُبلِ، ولأنه لمَّا ساوَى القُبلَ في كَمالِ المَهرِ وتَحريمِ المُصاهَرةِ ووُجوبِ الحَدِّ ساواهُ في الإباحةِ.
ودَليلُنا: قولُه تعالَى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: ٢٢٢]، فحرَّمَ الوطءَ في الحَيضِ لأجْلِ الأذَى، فكانَ الدُّبرُ أَولى بالتَّحريمِ؛ لأنه أعظَمُ أَذًى، ثمَّ قالَ: ﴿فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ﴾ [البقرة: ٢٢٢]، يعنِي في القُبلِ، فدَلَّ على تَحريمِ إتيانها في الدُّبرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute