إلَّا بما يَجبُ التَّسليمُ له مِنْ كِتابٍ أو سُنةٍ أو إجماعٍ أو قِياسٍ على أصلٍ مُجمَعٍ عليهٍ، فما أُجمِعَ منها على التَّحليلِ فحَلالٌ، وما اختُلفَ فيه منها فحَرامٌ، والإتيانُ في الدُّبرِ مُختلَفٌ فيه، فهو على التَّحريمِ المُجمَعِ عليه (١).
وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ ﵀: قالَ الشافعيُّ ﵀: ذهَبَ بعضُ أصحابِنا في إتيانِ النِّساءِ في أدبارِهنَّ إلى إحلالِهِ، وآخرُونَ إلى تَحريمِه، فلسْتُ أُرخِّصُ فيه، بل أنهَى عنه.
قالَ الماوَرديُّ: اعلَمْ أنَّ مَذهبَ الشَّافعيِّ وما عليهِ الصَّحابةُ وجُمهورُ التَّابعينَ والفُقهاءُ أنَّ وطْءَ النِّساءِ في أدبارِهنَّ حَرامٌ.
وحُكيَ عن نافعٍ وابنِ أبي مُليكةَ وزَيدِ بنِ أسلَمَ أنه مُباحٌ، ورَواهُ نافعٌ عنِ ابنِ عُمرَ.
واختَلفَتْ الرِّوايةُ فيه عن مالِكٍ، فرَوَى عنه أهلُ المَغربِ أنه أباحَه في كِتابِ السِّيرةِ، وقالَ أبو مُصعبٍ: سألْتُه عنه فأباحَهُ، وقالَ ابنُ القاسِمِ: قالَ مالِكٌ: ما أدرَكْتُ أحَدًا أقتَدِي به في دِينِي يَشُكُّ في أنه حَلالٌ، وأنكَرَ أهلُ العِراقِ ذلكَ عنهُ، ورَوَوا عنهُ تَحريمَه، لمَّا انتَقلَ ابنُ عبدِ الحَكمِ عن مَذهبِ الشَّافعيِ إلى مَذهبِ مالكٍ، حكَى عن الشَّافعيِّ أنه قالَ: ليسَ في إتيانِ النِّساءِ في أدبارِهنَّ حَديثٌ ثابِتٌ، والقِياسُ يَقتضِي جَوازَه، يُريدُ ابنُ عبدِ الحكَمِ