للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشبَهَ الوَجهَ، فإنْ لم يَتيسَّرْ له النَّظرُ أو كَرهَه بعَثَ إليها امرأةً ثِقةً تَتأمَّلُها ثمَّ تَصِفُها لهُ؛ ليَكونَ على بَصيرةٍ (١).

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ : لا خِلافَ بينَ أهلِ العِلمِ في إباحةِ النَّظرِ إلى وَجهِها؛ وذلكَ لأنهُ ليسَ بعَورةٍ، وهو مَجمعُ المَحاسِنِ ومَوضعُ النَّظرِ، ولا يُباحُ له النَّظرُ إلى ما لا يَظهرُ عادةً.

وحُكيَ عن الأوزاعيِّ أنه يَنظرُ إلى مَواضعِ اللَّحمِ، وعن داوُدَ أنهُ يَنظرُ إلى جَميعِها؛ لظاهِرِ قَولِه : «انظُرْ إليها».

ولنَا: قَولُ اللهِ تعالَى: ﴿وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا﴾ [النور: ٣١]، ورُويَ عنِ ابنِ عبَّاسٍ أنهُ قالَ: «الوَجهُ وباطِنُ الكَفِّ»، ولأنَّ النَّظرَ مُحرَّمٌ أُبيحَ للحاجَةِ، فيَختصُّ بما تَدعُو الحاجَةُ إليهِ، وهوَ ما ذكَرْنا، والحَديثُ مُطلَقٌ، ومَن يَنظرُ إلى وَجهِ إنسانٍ سُمِّيَ ناظِرًا إليهِ، ومَن رآهُ وعَليهِ أثوابُه سُمِّيَ رائِيًا لهُ، كما قالَ اللهُ تعالَى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ﴾ [المنافقون: ٤]، ﴿وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ [الأنبياء: ٣٦].

فأمَّا ما يَظهرُ غالِبًا سِوَى الوَجهِ كالكفَّينِ والقدَمَينِ ونحوِ ذلكَ ممَّا تُظهِرُه المرأةُ في مَنزلِها ففيهِ رِوايتانِ:

إحداهُما: لا يُباحُ النَّظرُ إليهِ؛ لأنهُ عَورةٌ، فلمْ يُبَحِ النَّظرُ إليهِ كالذي


(١) «كشاف القناع» (٥/ ٨، ٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ١٠٢، ١٠٣)، و «منار السبيل» (٢/ ٥٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>