للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنهُ إذا عَرفَها قبلَ النكاحِ دامَ الودُّ، وإنَّ النكاحَ يَصحُّ وإنْ لم يَرَها، فإنه لم يُعلِّلِ الرُّؤيةَ بأنهُ يَصحُّ معَه النِّكاحُ، فدَلَّ على أنَّ الرُّؤيةَ لا تَجبُ، وأنَّ النِّكاحَ يَصحُّ بدُونِها.

ولأنَّ النِّساءَ يُرضَى بهنَّ في العادةِ على الصِّفاتِ المُختلِفةِ؛ لأنَّ المَقصودَ بالنكاحِ المُصاهَرةُ والاستِمتاعُ، وذلكَ يَحصلُ مع اختِلافِ الصِّفاتِ، فهذا فَرقٌ شَرعيٌّ مَعقولٌ في عُرفِ النَّاسِ، ولو قالَ: «ظنَنْتُها أحسَنَ ممَّا هيَ، أو ما ظَننْتُ فيها هذا» ونحوَ ذلكَ كانَ هوَ المُفرِّطَ حيثُ لم يَسألْ عن ذلكَ ولم يَرَها ولا أرسَلَ مَنْ رآها، وليسَ مِنْ الشَّرعِ ولا العادَةِ أنْ تُوصَفُ له في العَقدِ كما تُوصِفُ الإماءُ في السَّلَمِ، فإنَّ اللهَ صانَ الحَرائرَ عن ذلكَ وأحَبَّ سِتْرَهنَّ، ولهذا نُهِيَتِ المرأةُ أنْ تَعقدَ نكاحًا، فإذا كُنَّ لا يُباشِرْنَ العَقدَ فكيفَ يُوصَفْنَ!؟ وأمَّا الرَّجلُ فأمرُه ظاهِرٌ يراهُ مَنْ يَشاءُ، فليسَ فيه عَيبٌ يُوجِبُ الرَّدَّ، والمرأةُ إذا فرَّط الزَّوجُ فالطَّلاقُ بيَدِه (١).

وقالَ الدَّهْلويُّ : السَّببُ في استِحبابِ النَّظرِ إلى المَخطوبةِ أنْ يكونَ التزوُّجُ على رويَّةٍ، وأنْ يكونَ أبعَدَ مِنْ النَّدمِ الَّذي يَلزمُه إنِ اقتَحمَ في النكاحِ ولمْ يُوافِقْه فلمْ يَردَّه، وأسهَلُ للتَّلافي إنْ رَدَّ، وأنْ يكونَ تزوَّجَها على شَوقٍ ونَشاطٍ إنْ وافَقَه، والرَّجلُ الحَكيمُ لا يَلجُ مَولِجًا حتَّى يَتبيَّنَ خيْرَه وشَرَّه قبلَ وُلوجِه (٢).


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٩، ٣٥٥، ٣٥٦).
(٢) «حجة الله البالغة» (١/ ٦٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>