وقالَ ابنُ القاسِمِ: إذا تزوَّجَ الرَّجلُ المرأةَ بعدَ أنْ ركَنَتْ إلى غيرِه فدخَلَ بها فإنه يَتحلَّلُ الَّذي خطَبَها عليهِ ويُعرِّفُه بما صنَعَ، فإنْ حلَّلَه وإلَّا فلْيَستغفرِ اللهَ مِنْ ذلكَ، وليسَ يَلزمُه طَلاقُها، وقد أَثِمَ فيما فعَلَ، وقالَ ابنُ وَهبٍ: إنْ لم يَجعلْه الأولُ في حِلٍّ ممَّا صنَعَ فلْيُطلِّقْها، فإنْ رَغبَ فيها الأولُ وتزوَّجَها فقدْ بَرِئَ هذا مِنْ الإثمِ، وإنْ كَرهَ تَزويجَها فلْيُراجِعْها الَّذي فارَقَها بنِكاحٍ جَديدٍ، وليسَ يَقضِي عليهِ بالفِراقِ.
وقالَ ابنُ القاسِمِ: إنما مَعنى النَّهيِ في أنَّ يَخطبَ الرَّجلُ على خِطبةِ أخيهِ في رَجلَينِ صالحَينِ، وأمَّا إذا كانَ الَّذي خطَبَها أوَّلًا فركَنَتْ إليه رَجلُ سُوءٍ فإنهُ يَنبغِي للوليِّ أنْ يَحُضَّها على تَزويجِ الرَّجلِ الصَّالحِ الذي يُعلِّمُها الخيرَ ويُعِينُها عليهِ.
قالَ أبو عُمرَ: تَحصيلُ مَذهبِ مالكٍ في نكاحِ مَنْ خطَبَ على خِطبةِ أخيهِ في الحالِ الَّذي لا يَجوزُ له أنْ يَخطبَ فيها أنه إنْ لم يَكنْ دخَلَ بها فُرِّقَ بينَهُما، وإنْ كانَ دخَلَ مضَى النِّكاحُ وبِئْسَ ما صنَعَ.
وقالَ الشَّافعيُّ: هي مُصيبةٌ ويَستغفِرُ اللهَ منها، والنكاحُ ثابِتٌ دخَلَ أو لم يَدخلْ، وهو مع هذا مَكروهٌ لا يَنبغِي لأحَدٍ أنْ يَفعلَه.
وبمِثلِ ما قالَ الشَّافعيُّ يقولُ أبو حَنيفةَ وأصحابُه وجَماعةٌ، وهو القِياسُ؛ لأنَّ النكاحَ لو كانَ فاسِدًا مُحرَّمًا غيرَ مُنعقِدٍ لم يَصحَّ بالدُّخولِ، وعلى أصل مالكٍ: إنَّما يَصحُّ بالدُّخولِ مِنْ النكاحِ ما كانَ