للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَخطبَ على خِطبةِ الفاسِقِ، ولا يَجوزُ أنْ يَخطبَ على خِطبةِ الذميِّ، والذميُّ أسوَأُ حالًا مِنْ الفاسِقِ عندَ اللهِ.

فالجَوابُ أنَّ الفاسِقَ على حالةِ لا يُقَرُّ عليها شَرعًا، بخِلافِ الذميِّ؛ فإنه على حالٍ يُقَرُّ عليهِ، فالشَّارعُ أقَرَ الذِّميَّ على كُفرِه، وأباحَ له أنْ يتزوَّجَ مَنْ كانَتْ على كُفرِه، والفاسِقُ لا يُقَرُّ على فِسقِه، ولا يَجوزُ له أنْ يتزوَّجَ، ويُفسَخُ نكاحُه (١).

وذهَبَ الحَنابلةُ وبعضُ الشَّافعيةِ كابنِ المُنذِرِ وغيرِه إلى أنهُ يَجوزُ للمُسلمِ أنْ يَخطبَ على خِطبةِ الكافرِ الذميِّ، وقولُ النبيِّ : «لا يَخطبِ المُسلمُ على خِطبةِ أخيهِ» إنما هو للمُسلمينَ، ولو خطَبَ على خِطبةِ يَهوديٍّ لم يكُنْ داخِلًا في ذلكَ؛ لأنهُم ليسُوا بإخوةٍ للمُسلمينَ؛ لأنَّ لفْظَ النهيِ خاصٌّ في المُسلمينَ، وإلحاقُ غيرِه به إنما يَصحُّ إذا كانَ مِثلَه، وليسَ الذميُّ كالمُسلمِ ولا حُرمتُه كحُرمتِه، ولذلكَ لم تَجبْ إجابتُهم في دَعوةِ الوليمةِ ونحوِها (٢).

قالَ ابنُ المُنذِرِ : ونهيُه أنْ يَخطبَ على خِطبةِ أخيهِ المُسلمِ يَدلُّ على إباحةِ أنْ يَنكحَ على خِطبةِ اليَهوديِّ والنصرانِيِّ؛ لأنَّ الأمورَ كانَتْ على الإباحةِ حتَّى نهَى عن الخِطبةِ على المُسلمِ، فثَبتَتِ


(١) «مواهب الجليل» (٥/ ٣٦)، و «الفواكة الدواني» (٢/ ١١).
(٢) «المغني» (٧/ ١١١)، و «الإنصاف» (٨/ ٣٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٨، ١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>