قالَ أبو سُليمانَ الدارانِيُّ: الزُّهدُ في كُلِّ شيءٍ، حتَّى في المرأةِ يتزوَّجُ الرَّجلُ العَجوزَ إيثارًا للزُّهدِ في الدُّنيا.
وقدْ كانَ مالكُ بنُ دينارٍ ﵀ يقولُ: يَتركُ أحَدُكم أنْ يتزوَّجَ يَتيمةً فيُؤجَرَ فيها إنْ أطعَمَها وكَساها تكونُ خَفيفةَ المُؤنةِ ترضَى باليَسيرِ، ويتزوَّجُ بنتَ فُلانٍ وفلانٍ -يعني أبناءَ الدُّنيا- فتَشتهي عليهِ الشهَواتِ وتقولُ: اكْسُني كذا وكذا.
واختارَ أحمدُ بنُ حَنبلٍ عَوراءَ على أختِها، وكانَتْ أختُها جَميلةً، فسألَ: مَنْ أعقَلُهما؟ فقيلَ العَوراءُ، فقالَ: زوِّجُوني إياها.
فهذا دأبُ مَنْ لم يَقصدِ التمتُّعَ، فأما مَنْ لا يأمَنُ على دِينِه ما لم يكُنْ له مُستمِتعٌ فلْيُطلبِ الجمالُ؛ فالتلذُّذُ بالمباحِ حصنٌ للدِّينِ.
وقد قيلَ: إذا كانَتِ المرأةُ حَسناءَ، خيِّرةَ الأخلاقِ، سوداءَ الحدَقةِ والشَّعرِ، كبيرةَ العينِ، شَديدةَ بيضاءِ اللَّونِ، مُحبِّةً لزوجِها قاصرةَ الطَّرفِ عليهِ، فهي على صُورةِ الحُورِ العِينِ؛ فإنَّ اللهَ تعالَى وصَفَ نِساءَ أهلِ الجَنةِ بهذهِ الصِّفةِ في قولهِ: ﴿خَيْرَاتٌ حِسَانٌ (٧٠)﴾ [الرحمن: ٧٠]، أرادَ بالخَيراتِ حَسَناتِ الأخلاقِ، وفي قولِه: ﴿قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ [الصافات: ٤٨] وفي قوله: ﴿عُرُبًا أَتْرَابًا (٣٧)﴾ [الواقعة: ٣٧]، العَروبُ هي العاشِقةُ لزَوجِها المُشتهيةُ للوِقاعِ، وبه تَتمُّ اللَّذةُ، والحورُ البياضُ، والحَوراءُ شَديدةُ بياضِ العَينِ شَديدةُ سَوادِها في سَوادِ الشَّعرِ، والعَيناءُ الواسِعةُ العَينِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute