للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَصلةُ الثالثةُ: حُسنُ الوجهِ: فذلكَ أيضًا مَطلوبٌ؛ إذْ به يَحصلُ التحصُّنُ، والطَّبعُ لا يَكتفِي بالدَّميمةِ غالبًا، كيفَ والغالِبُ أنَّ حُسنَ الخَلقِ والخُلقِ لا يَفترقانِ؟!.

وما نقَلْناه مِنْ الحثِّ على الدِّينِ وأنَّ المرأةَ لا تُنكَحُ لجمالِها ليسَ زاجِرًا عن رِعايةِ الجَمالِ، بل هو زَجرٌ عنِ النكاحِ لأجْلِ الجَمالِ المَحضِ مع الفَسادِ في الدِّينِ، فإنَّ الجَمالَ وحدَه في غالبِ الأمرِ يُرغِّبُ في النكاحِ ويُهوِّنُ أمْرَ الدِّينِ.

ويَدلُّ على الالتفاتِ إلى معنَى الجَمالِ أنَّ الأُلفةَ والمودَّةَ تَحصلُ بهِ غالبًا، وقد ندَبَ الشَّرعُ إلى مُراعاةِ أسبابِ الأُلفةِ، ولذلكَ استَحبَّ النَّظرَ، فعنْ أنسِ بنِ مالكٍ أنَّ المُغيرةَ بنَ شُعبةَ أرادَ أنْ يَتزوَّجَ امرأةً فقالَ له النبيُّ : «اذهَبْ فانظُرْ إليها، فإنهُ أَحرَى أنْ يُؤْدَمَ بينكُما» (١)، أي: يُؤلفَ بينَهُما مِنْ وُقوعِ الأدَمةِ على الأدَمةِ -وهي الجِلدةُ الباطِنةُ، والبشَرةُ الجِلدةُ الظَّاهرةُ-، وإنما ذكَرَ ذلكَ للمُبالغةِ في الائتلافِ.

وعَن أبي هُريرةَ قالَ: كُنْتُ عندَ النبيِّ فأتاهُ رَجلٌ فأخبَرَه أنهُ تَزوَّجَ امرأةً مِنْ الأنصارِ، فقالَ له رسولَ اللهِ : «أنظَرْتَ إليها؟ قالَ: لا، قالَ: فاذهَبْ فانظُرْ إليها، فإنَّ في أعيُنِ الأنصارِ شيئًا» (٢)، قيلَ:


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه الترمذي (١٠٨٧)، وابن ماجه (١٨٦٥).
(٢) رواه مسلم (١٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>