إلَّا بالنِّيةِ، فيكونُ مُباحًا أيضًا، كالوطءِ لقَضاءِ الشَّهوةِ، لكنْ لمَّا قيلَ له ﷺ: إنَّ أحَدَنا يَقضِي شَهوتَه فكيفَ يُثابُ؟ فقالَ ما مَعناهُ:«أرَأيْتَ لو وضَعَها في مُحرَّمٍ أمَا كانَ يُعاقَبُ»، فيُفيدُ الثَّوابَ مُطلَقًا، إلَّا أنْ يُقالَ: المُرادُ في الحَديثِ قَضاءُ الشَّهوةِ لأجْلِ تَحصينِ النَّفسِ، وقد صرَّحَ في «الأشْبَاه» بأنَّ النِّكاحَ سُنةٌ مؤكَّدةٌ، فيَحتاجُ إلى النِّيةِ، وأشارَ بالفاءِ إلى تَوقُّفِ كونِه سُنةً على النِّيةِ، ثمَّ قالَ: وأمَّا المُباحاتُ فتَختلفُ صِفتُها باعتبارِ ما قُصدَتْ لأجْلِه، فإذا قصَدَ بها التَّقوِّي على الطَّاعاتِ أو التوصُّلَ إليها كانَتْ عِبادةً، كالأكلِ والنَّومِ واكتسابِ المالِ والوَطءِ. اه.
ثمَّ رأيتُ في «الفَتح» قالَ: وقدْ ذكَرْنا أنهُ إذا لم يَقترنْ بنِيةٍ كانَ مُباحًا؛ لأنَّ المَقصودَ منهُ حِينئذٍ مُجرَّدُ قضاءِ الشَّهوةِ، ومَبنَى العبادةِ على خِلافِه.
وأقولُ: بل فيهِ فَضلٌ مِنْ جهةِ أنهُ كانَ مُتمكِّنًا مِنْ قَضائِها بغيرِ الطَّريقِ المَشروعِ، فالعُدولُ إليهِ معَ ما يَعلمُه مِنْ أنهُ قد يَستلزمُ أثقالًا فيهِ قَصدُ تَركِ المَعصيةِ. اه (١).
وقالَ المالِكيةُ: يُباحُ النكاحُ لمَن لا يُولَدُ له ولا أربَ له في النِّساءِ، بأنْ يكونَ غيرَ راغِبٍ في النِّساءِ، ولمْ يَقطعْه عن مَندوبٍ، والمرأةُ مُساوِيةٌ للرَّجلِ في هذهِ الأقسامِ.
قالَ اللَّخميُّ ﵀: إذا كانَ لا أربَ لهُ في النِّساءِ ولا يَرجو نَسلًا لأنَّه
(١) «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٧، ٨)، و «البحر الرائق» (٣/ ٨٥).