الشُّفعةِ صَحيحًا وليسَ للوَرثةِ فيه اعتِراضٌ دَلَّ على أنَّه غيرُ مَوروثٍ، قالَ: ولأنَّ ما وُرثَ بالأَسبابِ والأَنسابِ انتقَلَ إِرثُه عندَ عَدمِهم إلى بَيتِ المالِ، فلمَّا لم يَجزْ للإِمامِ أنْ يأخُذَ بالشُّفعةِ لبَيتِ المالِ، دَلَّ على أنَّ الشُّفعةَ غيرُ مَوروثةٍ مِيراثَ الأَموالِ.
ودَليلُنا قَولُه تَعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ [النساء: ١١] فكانَ على عُمومِه، ولأنَّه حَقٌّ يَلزمُ في البَيعِ وجَبَ أنْ يَكونَ مَوروثًا كالرَّدِّ بالعَيبِ، ولأنَّ الشُّفعةَ من حُقوقِ المِلكِ فوجَبَ أنْ تَكونَ مَوروثةً مع المِلكِ كطُرقِ الأَملاكِ ومَرافِقِها والرَّهنِ في الدُّيونِ وضَمانِها، ولأنَّ المَوتَ يُسقِطُ التَّكليفَ، وما سقَطَ به التَّكليفُ لم تَبطُلْ به الشُّفعةُ كالجُنونِ، ولأنَّه قَبضٌ استُحِقَّ في عَقدِ بَيعٍ فوجَبَ أنْ يَكونَ كالقَبضِ في البَيعِ.
فأمَّا الجَوابُ عن قياسِهم على خيارِ البَدلِ والقَبولِ فهو أنَّه مُنتقَضٌ بخيارِ الرَّدِّ بالعَيبِ، ثم إنَّ خيارَ البَدلِ والقَبولِ يَجوزُ أنْ يُورَثَ لولا أنَّه مُستحَقٌّ على الفَورِ، فكانَ بُطلانُ مِيراثِه لتَراخي زَمانِه لاستِحالةِ إِرثِه، ثم المَعنى في خيارِ القَبولِ أنَّه لمَّا لم يَجزْ أنْ يَستَنيبَ المَبدولُ له مَنْ يَقبلُ عنه لم يَنتقِلْ إلى وارِثِه، ولمَّا جازَ أنْ يَستنيبَ الشَّفيعُ مَنْ يُطالِبُ عنه انتَقَل إلى وارِثِه.
وأمَّا الجَوابُ عن قياسِهم على اللِّعانِ فهو ما ذَكَرنا أنَّ النِّيابةَ في اللِّعانِ لا تَصحُّ، وليسَ المَنعُ من أخْذِ العِوضِ عن الشُّفعةِ بمانِعٍ من أنْ يُورثَ كالرَّدِّ بالعَيبِ لا يَجوزُ أخذُ العِوضِ عنه ويَجوزُ أنْ يُورثَ.