للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا تَدليسٌ، فلم تَجِبِ المُطالَبةُ فيه على الفَورِ، أَصلُه المُطالَبةُ بالدُّيونِ، ولأنَّ على الشَّفيعِ إِضرارًا في المُطالَبةِ على الفَورِ؛ لأنَّه قد يَعلَمُ ببَيعِ الشِّقصِ في وَقتٍ لا يَكونُ معه ثَمنُه، فيَحتاجُ إلى تَحصيلِ الثَّمنِ وبَيعِ ما يُحصِّلُه به، وذلك يَقتَضي مُهلةً يُمكِنُه فيها ذلك، وكذلك قد يَكونُ المُشتَري عَمَرَ الشِّقصَ فيَجبُ له قيمةُ العِمارةِ، ويَتعذَّرُ على الشَّفيعِ قيمةُ الشِّقصِ في الوَقتِ، والضَّررُ غيرُ جائِزٍ (١).

وعندَ الشافِعيةِ ثَلاثةُ أَقوالٍ أُخرى بيَّنَها القاضِي العِمرانِيُّ في «البَيانِ» حيثُ قالَ :

إذا اشتَرى رَجلٌ شِقصًا فيه شُفعةٌ فلا يَخلو: إمَّا أنْ يَعلَمَ الشَّفيعُ بالبَيعِ أو لم يَعلَمْ، فإنْ لم يَعلَمْ مِثلَ أنْ كانَ غائِبًا أو كُتِمَ عنه لم تَسقُطْ شُفعتُه وإنْ طالَ الزَّمانُ؛ لأنَّ هذا خيارٌ لإِزالةِ الضَّررِ، فلا يَسقطُ بالجَهلِ به، كما لو اشتَرى شَيئًا مَعيبًا ولم يَعلَمْ بالعَيبِ إلا بعدَ زَمانٍ طَويلٍ.

وهكذا: لو علِمَ بالبَيعِ ولم يَعلَمْ مَنْ المُشتَري أو لم يَعلَمْ جِنسَ الثَّمنِ أو قَدرَه لم تَسقُطْ شُفعتُه؛ لأنَّه لا يَعلَمُ القَدرَ من الثَّمنِ الذي يَدفَعُه، ولأنَّ له غَرضًا في العِلمِ بعَينِ المُشتَري؛ لأنَّه قد لا يَرضَى بشَركةِ رَجلٍ، ويَرضَى بشَركةِ غيرِه.


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ١٣٥، ١٣٦)، رقم (٩٩١)، و «بداية المجتهد» (٢/ ١٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>