وقالَ أهلُ الكُوفةِ: لا يَدخلُ ذَوو السِّهامِ على العَصباتِ ولا العَصباتُ على ذَوي السِّهامِ، ويَتشافَعُ أهلُ السَّهمِ الواحِدِ فيما بينَهم خاصَّةً، وبه قالَ أشهَبُ.
وقالَ الشافِعيُّ في أحدِ قَولَيه: يَدخُلُ ذَوو السِّهامِ على العَصباتِ، والعَصباتُ على ذَوي السِّهامِ، وهو الذي اختارَه المُزنِيُّ، وبه قالَ المُغيرةُ من أَصحابِ مالِكٍ.
وعُمدةُ مَذهبِ الشافِعيِّ عُمومُ قَضائِه ﷺ بالشُّفعةِ بينَ الشُّركاءِ ولم يَفصِلْ ذَوي السَّهمِ من عُصبةٍ.
ومَن خصَّصَ ذَوي السِّهامِ من العَصباتِ فلأنَّه رأى الشَّركةَ مُختلِفةَ الأَسبابِ -أعني بينَ ذَوي السِّهامِ وبينَ العَصباتِ- فشَبَّه الشَّركاتِ المُختلِفةَ الأَسبابِ بالشَّركاتِ المُختلِفةِ من قِبَلِ مَحلاتِها -التي هي المالُ- بالقِسمةِ بالأَموالِ.
ومَن أدخَلَ ذَوي السِّهامِ على العَصبةِ ولم يُدخِلِ العَصبةَ على ذَوي السِّهامِ فهو استِحسانٌ على غيرِ قياسٍ، ووَجهُ الاستِحسانِ أنَّه رأى أنَّ ذَوي السِّهامِ أقعَدُ من العَصبةِ.
وأمَّا إذا كانَ المَشفوعُ عليهما اثنَينِ فأكثَرَ فأَرادَ الشَّفيعُ أنْ يَشفعَ على أَحدِهما دونَ الثانِي فقالَ ابنُ القاسِمِ: إمَّا أنْ يأخُذَ الكلَّ أو يَدعَ.
وقالَ أَبو حَنيفةَ وأَصحابُه والشافِعيُّ: له أنْ يَشفعَ على أيِّهما أحَبَّ، وبه قالَ أشهَبُ.