وقالَ مالِكٌ ﵀ في المَشهورِ عنه: هي عَشرُ كَلِماتٍ، فلم يُثنِّ لَفظَ الإقامةِ، وهو قَولٌ قَديمٌ لِلشافِعيِّ.
ولنا قَولٌ شاذٌّ: أنَّه يَقولُ في الأَوَّلِ: اللهُ أكبَرُ مرَّةً، وفي الآخرِ: اللهُ أكبَرُ، ويَقولُ: قد قامَتِ الصَّلاةُ مرَّةً، فتَكونُ ثَمانيَ كَلِماتٍ، والصَّوابُ الأوَّلُ.
وقالَ أبو حَنيفَةَ: الإقامَةُ سَبعَ عَشرَةَ كَلِمةً، فيُثَنِّيها كلَّها، وهذا المَذهبُ شَاذٌّ، قالَ الخطَّابيُّ: مَذهبُ جُمهورِ العُلماءِ، والذي جَرى به العملُ في الحَرمَينِ والحِجازِ والشَّامِ واليَمَنِ ومِصرَ والمَغربِ إلى أقصى بِلادِ الإسلامِ أنَّ الإقامةَ فُرادَى. قالَ الإمامُ أبو سُلَيمانَ الخطَّابيُّ ﵀: مَذهبُ عامَّةِ العُلماءِ أنَّه يُكرِّرُ قولَه: قد قامَتِ الصَّلاةُ، إِلَّا مَالِكًا؛ فإنَّ المَشهورَ عنه أنَّه لا يُكرِّرُها، واللهُ أعلَمُ.
والحِكمةُ في إفرادِ الإقامةِ وتَثنيةِ الأذانِ أنَّ الأذانَ لِإعلامِ الغائِبِينَ، فيُكرَّرُ؛ ليَكونَ أبلَغَ في إعلامِهم، وأنَّ الإقامةَ لِلحاضِرينَ؛ فلا حاجَةَ إلى تَكرارِها، ولهذا قالَ العُلماءُ: يَكونُ رَفعُ الصَّوتِ في الإقامةِ دُونَه في الأذانِ، وإنَّما كرَّر لَفظَ الإقامةِ خاصَّةً؛ لأنَّه مَقصودُ الإقامةِ، واللهُ أعلَمُ.
فإن قيلَ: قد قُلتُم: إنَّ المُختارَ الذي عليه الجُمهورُ أنَّ الإقامةَ إحدى عَشرَةَ كَلِمَةً، منها: اللهُ أكبَرُ اللهُ أكبَرُ، أوَّلًا وآخِرًا، وهذا تَثنِيةٌ، فالجَوابُ أنَّ هذا -وإن كانَ صُورَةَ تَثنِيةٍ- هو بالنِّسبةِ إلى الأذانِ إفرادٌ، ولهذا قالَ أصحابُنا: يُستحبُّ لِلمُؤذِّنِ أن يَقولَ كلَّ تَكبيرَتَينِ بنَفَسٍ واحدٍ، فيَقولَ