للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَررِ المُشتَري، ولا يَلزمُ من تَقديمِ دَفعِ ضَررِ المُسلمِ على المُسلمِ تَقديمُ دَفعِ ضَررِ الذِّميِّ، فإنَّ حَقَّ المُسلمِ أرجَحُ، ورِعايَتَه أوْلى، ولأنَّ ثُبوتَ الشُّفعةِ في مَحلِّ الإِجماعِ على خِلافِ الأصلِ رِعايةً لحَقِّ الشَّريكِ المُسلمِ، وليس الذِّميُّ في مَعنى المُسلمِ، فيَبقَى فيه على مُقتَضى الأصلِ، وتَثبُتُ الشُّفعةُ للمُسلمِ على الذِّميِّ؛ لعُمومِ الأدِلةِ المُوجِبةِ؛ لأنَّها إذا ثبَتَت في حَقِّ المُسلمِ على المُسلمِ على عِظمِ حُرمتِه ورِعايةِ حَقِّه فلَأنْ تَثبُتَ على الذِّميِّ مع دَناءتِه أوْلى وأحرى.

قالَ ابنُ قُدامةَ: وتَثبُتُ للذِّميِّ على الذِّميِّ؛ لعُمومِ الأَخبارِ، ولأنَّهما تَساوَيا في الدِّينِ والحُرمةِ فتَثبُتُ لأَحدِهما على الآخَرِ كالمُسلمِ على المُسلمِ، ولا نَعلَمُ في هذا خِلافًا (١).

وقالَ الإِمامُ ابنُ القَيمِ : فَصلٌ: كُفارٌ مَمنوعونَ من الاستِيلاءِ على أَملاكِ المُسلِمينَ.

وحَقيقةُ الأمرِ أنَّ الكُفارَ مَمنوعونَ من الاستِيلاءِ على ما ثبَتَ للمُسلِمينَ فيه حَقٌّ من عَقارٍ أو رَقيقٍ أو زَوجةٍ مُسلِمةٍ أو إِحياءِ مَواتٍ أو تَملكٍ بشُفعةٍ من مُسلمٍ؛ لأنَّ مَقصودَ الدَّعوةِ أنْ تَكونَ كَلمةُ اللهِ هي العُليا، وإنَّما أقَرُّوا بالجِزيةِ للضَّرورةِ العارِضةِ، والحُكمُ المُقيَّدُ بالضَّرورةِ مُقدَّرٌ بقَدرِها، ولهذا لم يَثبُتْ عن واحِدٍ من السَّلفِ لهم حَقُّ شُفعةٍ على مُسلمٍ،


(١) «المغني» (٥/ ٢٢٤)، و «الكافي» (٢/ ٤٥٣)، و «المبدع» (٥/ ٢٣٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٠٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>