للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ناسيًا أجزَأَته صَلاتُه، وكذلك لو تركَ الإقامةَ عندَهم، وهم أشَدُّ كَراهَةً لِتَركِه الإقامةَ.

واحتَجَّ الشافِعيُّ في أنَّ الأذانَ غيرُ واجِبٍ، وليس فَرضًا مِنْ فُروضِ الصَّلاةِ بسُقوطِ الأذانِ لِلواحدِ عندَ الجَمعِ بعَرفةَ والمُزدَلِفةِ، وتَحصيلُ مَذهبِ مالِكٍ في الأذانِ في السَّفرِ كالشافِعيِّ سَواءٌ (١).

وقالُ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تيميَّةَ : الصَّحِيحُ أنَّ الأذانَ فَرضٌ على الكِفايةِ؛ فليس لِأهلِ مَدينةٍ ولا قَريةٍ أن يَدعُوا الأذانَ والإقامةَ، وهذا هو المَشهورُ مِنْ مَذهبِ أحمدَ وغيرِه.

وقد أطلَقَ طَوائفُ مِنْ العُلماءِ أنَّه سُنَّةٌ، ثم مِنْ هؤلاءِ مَنْ يَقولُ: إنَّه إذا اتَّفق أهلُ بَلَدٍ على تَركِه قُوتِلوا، والنِّزاعُ مع هؤلاءِ قَريبٌ مِنْ النِّزاعِ اللَّفظيِّ، فإنَّ كَثيرًا مِنْ العُلماءِ يُطلِقُ القولَ بالسُّنةِ على ما يُذمُّ تاركُه شَرعًا، ويُعاقَبُ تاركُه شَرعًا؛ فالنِّزاعُ بينَ هذا وبينَ مَنْ يَقولُ: إنَّه واجِبٌ، نِزاعٌ لَفظيٌّ؛ ولهذا نَظائِرُ مُتعَدِّدةٌ.

وأمَّا مَنْ زَعمَ أنَّه سُنَّةٌ لا إثم على تاركِيهِ ولا عُقوبةَ فهذا القولُ خَطَأٌ، فإنَّ الأذانَ هو شِعارُ دارِ الإسلامِ، الذي ثَبت في الصَّحِيحِ أنَّ النَّبيَّ كانَ يُعلِّقُ استِحلالَ أهلِ الدَّارِ بتَركِه، فكانَ يُصلِّي الصُّبحَ ثم يَنظرُ، فإن سمِع مُؤذِّنًا لم يُغِر، وإلا أغارَ، وفي السُّننِ لِأبي داودَ والنسائيِّ عن أبي الدَّرداءِ قالَ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ يَقولُ: «ما مِنْ ثَلاثةٍ في


(١) «تفسير القرطبي» (٦/ ٢٢٥، ٢٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>