للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالَ : «خُذي ما يَكفيكِ ووَلَدَك بالمَعروفِ» (١). فأذِنَ لها في الأخذِ مع القُدرةِ على الأخذِ بالحاكِمِ، ولأنَّ عليه في المُحاكَمةِ مَشقةً فجازَ له أخذُه، فإنْ كانَ الذي قدِرَ عليه من جِنسِ حَقِّه أخَذَ قَدرَ حَقِّه، وإنْ كانَ من غيرِ جِنسِه أخَذَه ولا يَجوزُ أنْ يَتملَّكَه؛ لأنَّه من غيرِ جِنسِ مالِه، فلا يَجوزُ أنْ يَتملَّكَه ولكنْ يَبيعُه ويَصرِفُ ثَمنَه في حَقِّه، وفي كَيفيةِ البَيعِ وَجهانِ:

أَحدُهما: أنَّه يُواطِئُ رَجلًا ليُقرَّ له بحَقِّه وأنَّه مُمتنِعٌ من أَدائِه فيَبيعُ الحاكِمُ المالَ عليه.

والثانِي: وهو المَذهبُ أنَّه يَبيعُ المالَ بنَفسِه؛ لأنَّه يَتعذَّرُ عليه أنْ يُثبتَ الحَقَّ عندَ الحاكِمِ، وأنَّه مُمتنِعٌ من بَيعِه، فملَكَ بَيعَه بنَفسِه، فإنْ تلِفَت العَينُ قبلَ البَيعِ ففيه وَجهانِ:

أَحدُهما: أنَّها تَتلَفُ من ضَمانِ مَنْ عليه الحَقُّ ولا يَسقُطُ دَينُه لأنَّها مَحبوسةٌ لاستِيفاءِ حَقِّه منها، فكانَ هَلاكُها من ضَمانِ المالِكِ كالرَّهنِ.

والوَجهُ الثانِي: أنَّها تَتلَفُ من ضَمانِ صاحِبِ الحَقِّ؛ لأنَّه أخَذَها بغيرِ إِذنِ المالِكِ فتَلِفَت من ضَمانِه بخِلافِ الرَّهنِ، فإنَّه أخَذَه بإِذنِ المالِكِ فتَلِفَ من ضَمانِه (٢).

وقالَ الإِمامُ النَّوويُّ : وفي هذا الحَديثِ -أي: حَديثِ هِندَ- فَوائدُ، منها: أنَّ مَنْ له على غيرِه حَقٌّ وهو عاجِزٌ عن استِيفائِه يَجوزُ له أنْ


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدم.
(٢) «المهذب» (٢/ ٣١٧، ٣١٨)، و «التنبيه» ص (٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>