للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَضمَنْه، وأمَّا إذا أتلَفَه فإنَّه يَضمَنُه بوَزنِه ذَهبًا أو فِضةً بلا صِناعةٍ كما تقدَّمَ، قالَ الحارِثيُّ: لا خِلافَ فيه. انتَهى (١).

وقد عَنونَ الإِمامُ البُخاريُّ في صَحيحِه بابًا بعُنوانِ: بَابُ كَسرِ الصَّليبِ وقَتلِ الخِنزيرِ:

حدَّثَنا علِيُّ بنُ عبدِ اللهِ: حدَّثَنا سُفيانُ: حدَّثَنا الزُّهريُّ قالَ: أخبَرَني سَعيدُ ابنُ المُسيِّبِ: سمِعَ أبا هُرَيرةَ ، عن رَسولِ اللهِ قالَ: «لا تَقومُ الساعةُ حتى يَنزِلَ فيكم ابنُ مَريمَ حَكمًا مُقسِطًا، فيَكسِرَ الصَّليبَ، ويَقتلَ الخِنزيرَ، ويَضعَ الجِزيةَ، ويَفيضَ المالُ حتى لا يَقبَلَه أحدٌ» (٢).

قالَ الحافِظُ ابنُ حَجرٍ : وفي إِيرادِه هنا إِشارةٌ إلى أنَّ مَنْ قتَلَ خِنزيرًا أو كسَرَ صَليبًا لا يَضمَنُ؛ لأنَّه فعَلَ مَأمورًا به، وقد أخبَرَ بأنَّ عيسى سيَفعَلُه، وهو إذا نزَلَ كانَ مُقرِّرًا لشَرعِ نَبيِّنا ، ولا يَخفَى أنَّ مَحلَّ جَوازِ كَسرِ الصَّليبِ إذا كانَ مع المُحارِبينَ أو الذِّميِّ إذا جاوَزَ به الحَدَّ الذي عُوهِدَ عليه، فإذا لم يَتجاوَزْ وكسَرَه مُسلمٌ كانَ مُتعدِّيًا؛ لأنَّهم على تَقريرِهم على ذلك يُؤدُّونَ الجِزيةَ، وهذا هو السِّرُّ في تَعميمِ عيسى كَسرَ كلِّ صَليبٍ؛ لأنَّه لا يَقبلُ الجِزيةَ، وليس ذلك منه نَسخًا لشَرعِ نَبيِّنا مُحمدٍ ، بل الناسِخُ هو شَرعُنا على لِسانِ نَبيِّنا؛ لإِخبارِه بذلك وتَقريرِه (٣).


(١) «كشاف القناع» (٤/ ١٦٢، ١٦٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ١٩٠).
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٤٤)، ومسلم (٣٢٦٤).
(٣) «فتح الباري» (٥/ ١٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>