للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ بَطالٍ المالِكيُّ: وأمَّا الساعةَ فلو كُسِر صَليبٌ لأهلِ الكِتابِ المُعاهَدينَ بينَ أظهُرِنا لكانَ ذلك تَعدِّيًا؛ لأنَّهم على ذلك يُؤدُّونَ الجِزيةَ، وإنْ كسَرَه لأهلِ الحَربِ كانَ مَشكورًا، وكذلك قَتلُ الخِنزيرِ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ المُسلمَ إذا أتلَفَ صَليبًا فلا ضَمانَ عليه؛ لأنَّه لا يَحلُّ بَيعُه فلم يَضمَنْه كالمَيتةِ، والدَليلُ على أنَّه لا يَحلُّ بَيعُه قَولُ النَّبيِّ : «إنَّ اللهَ حَرَّمَ بَيعَ الخَمرِ والمَيتةِ والخِنزيرِ والأَصنامِ» مُتَّفقٌ عليه.

قالَ الشافِعيةُ: الأَصنامُ والصُّلبانُ لا يَجبُ في إِبطالِها شَيءٌ؛ لأنَّ مَنفعتَها مُحرمةٌ لا تُقابَلُ بشَيءٍ.

والأصَحُّ أنَّها لا تُكسَرُ الكَسرَ الفاحِشَ؛ لإِمكانِ إِزالةِ الهَيئةِ المُحرمةِ مع بَقاءِ بَعضِ الماليةِ، إلا للإِمامِ فله ذلك زَجرًا وتَأديبًا، بل تُفصَّلُ لتَعودَ كما قبلَ التأليفِ؛ لزَوالِ الاسمِ بذلك.

ومُقابِلُ الأصَحِّ: تُكسَرُ وتُرضَّضُ حتى تَنتَهيَ إلى حَدٍّ لا يُمكِنُ فيه إعادَتُها صَنمًا أو صَليبًا أو غيرَ ذلك من المُحرَّماتِ (٢).

قالَ البُهوتيُّ : ومَن أتلَفَ مِزمارًا ونَحوَه بأنْ حَرَقه وأَلقاه في نَحوِ بَحرٍ أو كسَرَ مِزمارًا أو طُنبورًا أو صَليبًا أو كسَرَ إِناءَ ذَهبٍ أو فِضةٍ لم


(١) «شرح صحيح البخاري» (٦/ ٦٠٥).
(٢) «النجم الوهاج» (٥/ ١٩١)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٠٢، ٣٠٣)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٧٨، ٧٩)، و «البيان» (٧/ ٨٢)، و «المغني» (٥/ ١٧٤)، و «الكافي» (٢/ ٤١١)، و «المحرر» (١/ ٣٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>