وقالَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ: إذا أعارَ الغاصِبُ العَينَ المَغصوبةَ فتلِفَت عندَ المُستعيرِ فالمالِكُ مُخيَّرٌ بينَ تَضمينِ الغاصِبِ وتَضمينِ المُستعيرِ، ويَستقِرُّ الضَّمانُ على المُستعيرِ؛ لأنَّ يَدَه يَدُ ضَمانٍ عندَهم.
قالَ الشافِعيةُ: الأَيدي المُترتبةُ على يَدِ الغاصِبِ يَدُ ضَمانٍ، فإذا أعارَ الغاصِبُ العَينَ المَغصوبةَ فتلِفَت عندَ المُستعيرِ فالمالِكُ مُخيَّرٌ بينَ تَضمينِ أيِّهما شاءَ، سَواءٌ علِمَ المُستعيرُ بالغَصبِ أو لم يَعلَمْ؛ لأنَّ يَدَه يَدُ ضَمانٍ، فإذا علِمَ أثِمَ وترتَّبَ عليه الضَّمانُ، وإذا لم يَعلَمْ تَرتَّب عليه الضَّمانُ ولا إِثمَ عليه؛ لأنَّ الجَهلَ ليسَ مُسقِطًا للضَّمانِ بل للإِثمِ، فيُطالِبُ المالِكُ مَنْ شاءَ منهما؛ لأنَّه دخَلَ على الضَّمانِ فلم يَغرَّه الغاصِبُ؛ لأنَّ العاريةَ مَضمونةٌ، فإنْ ضمَّنَ الغاصِبَ رجَعَ على المُستعيرِ لأنَّه ضامِنٌ، وإنْ ضمَّنَ المُستعيرَ لا يَرجعُ على الغاصِبِ لأنَّه دخَلَ على الضَّمانِ (١).
وقالَ الحَنابِلةُ: إنْ أعارَ العَينَ المَغصوبةَ فتلِفَت عندَ المُستعيرِ فللمالِكِ تَضمينُ أيِّهما شاءَ أجرَها وقيمَتَها، فإنْ غرَّمَ المُستعيرَ مع عِلمِه بالغَصبِ لم يَرجِعْ على أحدٍ، وإنْ غرَّمَ الغاصِبَ رجَعَ على المُستعيرِ، وإنْ لم يَكُنْ علِمَ بالغَصبِ فغرَّمَه لم يَرجِعْ بقيمةِ العَينِ؛ لأنَّه قبَضَها على أنْ تَكونَ مَضمونةً عليه، وهل يَرجعُ بما غرِمَ من الأجرِ؟ فيه وَجهانِ:
(١) «الحاوي الكبير» (٧/ ١٢٥)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٦٤١، ٦٤٢)، و «الأشباه والنظائر» للسبكي ص (٣٤٢)، و «المنثور» (٢/ ٣٤٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ١٧٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٩٣)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٢٧)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ١٧٧، ١٧٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute