للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي «دُرر الحُكامِ»: لو أعارَ الغاصِبُ المالَ المَغصوبَ لآخَرَ وسلَّمَه إياه وكانَ المَغصوبُ مَوجودًا في يَدِ المُستعيرِ فالمَغصوبُ منه مُخيَّرٌ، إنْ شاءَ أجازَ الإِعارةَ، وفي هذه الحالِ يَخرجُ الغاصِبُ من الوَسطِ، وإنْ شاءَ لم يُجِزْ واستَردَّه من المُستعيرِ، وله تَضمينُ بَدلِ المالِ المَغصوبِ يَومَ غَصبِه؛ بِناءً على المادةِ (١٦٣٥) بعَدِّهِ مُستهلِكًا بإِعارتِه وتَسليمِه، وإذا ضمَّنَ المُستعيرَ فليسَ له الرُّجوعُ على الغاصِبِ؛ لأنَّ قَبضَ ذلك الشَّخصِ هو لنَفسِه (رَد المُحتار). كذلك إذا ضمَّنَ الغاصِبَ فليسَ للغاصِبِ الرُّجوعُ على المُستعيرِ، انظُرْ شَرحَ المادةِ (٦٥٨)، غيرَ أنَّه إذا تلِفَ بالتَّعدِّي كما لو أتلَفَه المُستعيرُ ففي هذه الصُّورةِ يَكونُ قَرارُ الضَّمانِ على المُستعيرِ، يَعني إذا ضمَّنَ صاحِبُ المالِ الغاصِبَ فله الرُّجوعُ على المُستعيرِ أيضًا (١).

وأمَّا المالِكيةُ فقالَ القَرافِيُّ : قالَ سحنُونٌ: إذا كانَ المُعيرُ غاصِبًا لا يُضمِّنُه المالِكُ النَّقصَ، بل له أنْ يُضمِّنَه الجَميعَ ولا شَيءَ له على المُستعيرِ، وإنْ كانَ الغاصِبُ عَديمًا بِيعَ الثَّوبُ في القيمةِ واتَّبعَ المُستعيرَ بالأقَلِّ من تَمامِ القيمةِ وما نقَصَ من لُبسِ الثَّوبِ، إلا أنْ يَكونَ قد كانَ للغاصِبِ مالٌ وَقتَ لِباسِ المُستعيرِ ثم زالَ المالُ فلا يَضمَنُ المُستعيُر شَيئًا؛ لاتِّباعِه الغاصِبَ بالقيمةِ، وإنْ شاءَ المُستحِقُّ أخْذَ الثَّوبِ أو ما نقَصَه اللُّبسُ من المُستعيرِ، فذلك له في عَدمِ الغاصِبِ (٢).


(١) «درر الحكام» (٢/ ٥٢٨).
(٢) «الذخيرة» (٨/ ٢٧٢، ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>