للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عالِمًا بأنَّ المُؤجِّرَ غاصِبٌ كانَ له الرُّجوعُ بالشَّيءِ الذي ضمِنَه على مُؤجِّرِه، وإذا كانَ عالِمًا بأنَّ المُؤجِّرَ غاصِبٌ فليسَ له الرُّجوعُ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: لو أجَّرَ العَينَ المَغصوبةَ غرِمَ المُستأجِرُ أُجرةَ المِثلِ للمالِكِ ولم يَرجِعْ بها على الغاصِبِ؛ لأنَّه شرَعَ فيه على أنْ يَضمنَها ويَستَردَّ الأُجرةَ المُسمَّاةَ (٢).

وقالَ الحَنابِلةُ: إذا أجَّرَ الغاصِبُ المَغصوبَ فالإِجارةُ باطِلةٌ على إِحدى الرِّواياتِ كالبَيعِ، ولمالِكِه تَضمينُ أيِّهما شاءَ أَجرَ مِثلِها، فإنْ ضمَّنَ المُستأجِرَ لم يَرجعْ بذلك؛ لأنَّه دخَلَ في العَقدِ على أنَّه يَضمنُ المَنفعةَ، إلا أنْ يَزيدَ أَجرُ المِثلِ على المُسمَّى في العَقدِ فيَرجعَ بالزِّيادةِ ويَسقطَ عنه المُسمَّى في العَقدِ، وإنْ كانَ دفَعَه إلى الغاصِبِ رجَعَ به، وإنْ تلِفَت العَينُ في يَدِ المُستأجِرِ فلمالِكِها تَغريمُ مَنْ شاءَ منهما قيمَتَها، فإنْ غرِمَ المُستأجِرُ فله الرُّجوعُ بذلك على الغاصِبِ؛ لأنَّه دخَلَ معه على أنَّه لا يَضمنُ العَينَ، ولم يَحصُلْ له بَدلٌ في مُقابلةِ ما غرِمَ، هذا إذا لم يَعلَمْ بالغَصبِ، وإنْ علِمَ لم يَرجِعْ على أحدٍ؛ لأنَّه دخَلَ على بَصيرةٍ وحصَلَ التَّلفُ في يَدِه فاستقَرَّ الضَّمانُ عليه، فإنْ غرِمَ الغاصِبُ الأجرَ والقيمةَ رجَعَ بالأجرِ على المُستأجِرِ على كلِّ حالٍ، ويَرجعُ بالقيمةِ إنْ كانَ المُستأجِرُ عالِمًا بالغَصبِ، وإلا فلا.


(١) «درر الحكام» (٢/ ٥٢٧).
(٢) «الشرح الكبير» للرافعي (٥/ ٤٧٩)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٦٤٢، ٦٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>