للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغاصِبِ الأولِ وبين مُطالبةِ الغاصِبِ الثاني، فإنْ ضمَّنَ الأولَ رجَعَ الأولُ على الثاني، وإنْ ضمَّنَ الثانِي لم يَرجِعْ على أحدٍ لأنَّه غاصِبٌ.

ولو أبرَأَ المالِكُ الغاصِبَ الأولَ لم يَبرأِ الثاني، وإن أبرَأَ الثانِي بَرِئَ الأولُ؛ لأنَّ الثانِي هو الذي يَتقرَّرُ عليه الضَّمانُ.

ولو انتزَعَ المَغصوبَ من الغاصِبِ ليَردَّه على مالِكِه فتلِفَ عندَه يَضمنُه في الأصَحِّ؛ بِناءً على الأصَحِّ أنَّه ليس للآحادِ الانتِزاعُ، فإنَّ القاضِي نائِبُ الغائبِينَ، وليس هو بمُؤتمَنٍ شَرعًا، أمَّا القاضِي أو نائِبُه فيُستَثنَوْن من هذا، ولا ضَمانَ عليهم.

وفي مُقابلِ الأصَحِّ أنَّه إنِ انتزَعَ المَغصوبَ من الغاصِبِ ليَردَّه على مالِكِه فتلِفَ فلا ضَمانَ عليه (١).

وكذلك نَصَّ الحَنابِلةُ على أنَّ اليَدَ المُترتِّبةَ على الغَصبِ يَدُ ضَمانٍ، فقالوا: إذا غصَبَ عَينًا ثم غصَبَها آخَرُ فتلِفَت عندَ الغاصِبِ الثانِي فللمالِكِ تَضمينُ أيِّهما شاءَ قيمَتَها وأُجرَتَها مُدَّةَ مُقامِها في يَدِ الغاصِبِ الثاني، فإنْ ضمَّنَ الغاصِبَ الأولَ رجَعَ على الثاني، وإنْ ضمَّنَ الثانِي لم يَرجِعْ على أحدٍ؛ لأنَّه غاصِبٌ تلِفَ المَغصوبُ في يَدِه فاستقَرَّ الضَّمانُ عليه، كالغاصِبِ إذا تلِفَ تحتَ يَدِه (٢).


(١) «روضة الطالبين» (٣/ ٦٤١، ٦٤٢)، و «الأشباه والنظائر» للسبكي ص (٣٤٢)، و «المنثور» (٢/ ٣٤٢)، و «النجم الوهاج» (٥/ ١٧٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٩٣)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٢٧)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ١٧٧، ١٧٨).
(٢) «المغني» (٥/ ١٥٨، ١٥٩، ١٦٩، ١٧٠)، و «الكافي» (٢/ ٤٠٦، ٤٠٨)، و «المبدع» (٥/ ١٧٨)، و «الإنصاف» (٦/ ١٧٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>