وقالَ الحَنابِلةُ في المَذهبِ: تَصرفاتُ الغاصِبِ الحُكميَّةُ أو غيرِه ممَّن يَعلمُ بالحالِ وهي ما لها حُكمٌ من صِحةٍ أو فَسادٍ -أي: ما تُوصفُ تارةً بالصِّحةِ وتارةً بالفَسادِ- كالحَجِّ من المالِ المَغصوبِ وسائِرِ العِباداتِ التي تَتعلَّقُ بالمَغصوبِ إذا فعَلَها عالِمًا ذاكِرًا، كالصَّلاةِ بثَوبٍ مَغصوبٍ أو في مَكانٍ مَغصوبٍ، والوُضوءِ من ماءٍ مَغصوبٍ وإِخراجِ زَكاتِه من مالٍ مَغصوبٍ، وكذا العُقودُ كالبَيعِ والإِجارةِ والهِبةِ ونَحوِها للمَغصوبِ، والإِنكاحِ كأنْ أنكَحَ الغاصِبُ أو غيرُه الأَمةَ المَغصوبةَ تَحرُمُ ولا تَصحُّ؛ لقَولِ النَّبيِّ ﷺ:«مَنْ عمِلَ عَملًا ليس عليه أمرُنا فهو رَدٌّ» أي مَردودٌ.
وكذا تَحرمُ التَّصرفاتُ غيرُ الحُكميةِ في المَغصوبِ، كإِتلافِ المَغصوبِ واستِعمالِه.
ولكنْ إنِ اشتَرى الغاصِبُ أو غيرُه في ذِمتِه ثم نقَدَ عَينَ المالِ المَغصوبِ أو ثَمنَها -ولو مِنْ وَديعةٍ عندَه- أو قارَضَ بهما -أي: بالوَديعةِ والغَصبِ- ولو كانَ الشِّراءُ بغيرِ نِيةِ نَقدِ الثَّمنِ من الغَصبِ أو الوَديعةِ، فالعَقدُ -أي: الشِّراءُ- صَحيحٌ؛ لأنَّه تَصرُّفٌ في ذِمتِه، وهي قابِلةٌ له، والإِقباضُ فاسِدٌ -أي: غَيرُ مُبْرِئٍ؛ لعَدمِ إِذنِ المالِكِ فيه، والرِّبحُ والسِّلعُ في المُضاربةِ وغيرِها المُشتراةِ للمالِكِ.
وفي رِوايةٍ أنَّ تَصرفاتِ الغاصِبِ تَقعُ صَحيحةً وتَقفُ على إِجازةِ المالِكِ كالفُضوليِّ.