للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُجرةُ المِثلِ، وإنْ كانَ أكراها من غيرِه لزِمَ غُرمُ ما كَراها به إنْ كانَ بقَدرِ أُجرةِ المِثلِ، وإنْ كانَ دونَ ذلك لزِمَه تَمامُ الأُجرةِ.

وفي الدَّوابِّ والرَّقيقِ لا رُجوعَ للمالِكِ على الغاصِبِ، لا فيما انتفَعَ به بنَفسِه ولا فيما كَراه واغتَلَّه.

وقيلَ: لا فَرقَ بينَ ذلك كلِّه، ويَرجعُ المالِكُ عليه بكِراءٍ وغَلَّةِ ما اغتَلَّه، ولا يَرجعُ عليه بما ركِبَ بنَفسِه أو استَخدَمَ.

وقيلَ عن مالِكٍ: إنَّ المالِكَ لا يَرجعُ بشَيءٍ أصلًا، لا مِنْ أُجرةٍ ولا مِنْ كِراءٍ، لا فيما انتفَعَ الغاصِبُ بنَفسِه ولا فيما كَراه في كلِّ شَيءٍ من الرِّباعِ والحَيوانِ وغيرِها، وأنَّ المَنافعَ بالضَّمانِ.

فوَجهُ التَّفريقِ بينَ الحَيوانِ والرِّباعِ أنَّ الحَيوانَ غيرُ مَأمونٍ؛ لأنَّ التَّغيُّرَ يُسرعُ إليه، والتَّلفُ غالِبًا يَجوزُ عليه، فيُمكنُ أنْ يَتلَفَ باستِعمالِه فيَلزمُه قيمَتُه فكانَ الخَراجُ له، وليس كذلك الرِّباعُ لأنَّها مَأمونةٌ في الغالِبِ، ولأنَّ الحَيوانَ مُحتاجٌ إلى نَفقةٍ ومُؤنةٍ، والغاصِبُ لا يَرجعُ بما أنفَقَ عليه، فكانَت المَنافِعُ غيرَ مَضمونةٍ عليه، والرِّباعُ يَرجعُ بما أنفَقَ فيها أو عَمَرَه فيأخُذُ منه قيمةَ ما انتفَعَ وأُجرةَ ما اغتَلَّ.

ووَجهُ التَّفريقِ بينَ انتِفاعِه بنَفسِه وبينَ ما كَراه واغتَلَّه في الحَيوانِ والرَّقيقِ أنَّ ما أَكراه عِوضًا في مَنافعِ مِلكِ الغيرِ، فكانَ كالعَينِ القائِمةِ فلزِمَه رَدُّها، وما سكَنَ بنَفسِه لم يأخُذْ عليه عِوضًا يَستحِقُّ رَدَّه عليه، ولأنَّه إنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>