للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجرِك، قالَ له: أتَستَهزئُ بي؟» (١) فدَلَّ هذا أنَّ السُّنةَ كانَت عندَهم أنَّ الرِّبحَ للمُتعدِّي العامِلِ، وأنَّه لا حَقَّ فيه لرَبِّ رأسِ المالِ، وأخبَرَ بذلك النَّبيُّ فأقَرَّه ولم يَنسَخْه.

وقد رُويَ عن عُمرَ بنِ الخَطابِ ما يَدلُّ على أنَّ الرِّبحَ له بالضَّمانِ، رَوى مالِكٌ في المُوطَّأِ: «أنَّ أبا موسى أسلَفَ عبدَ اللهِ وعُبيدَ اللهِ ابنَيْ عُمرَ من بَيتِ المالِ، فاشتَريا به مَتاعًا وحَمَلاه إلى المَدينةِ، فرَبِحا فيه، فقالَ عُمرُ: أدِّيا المالَ ورِبحَه. فقالَ عُبيدُ اللهِ: ما يَنبَغي لك هذا، لو هلَكَ المالُ أو نقَصَ ضَمِنَّاه. فقالَ رَجلٌ: لو جعَلتَه قِراضًا يا أَميرَ المُؤمِنينَ. قالَ: نَعَمْ. فأخَذَ منهما نِصفَ الرِّبحِ»، فلم يُنكِرْ عُمرُ قَولَ ابنِه: لو هلَكَ المالُ أو نقَصَ ضَمِنَّاه، فلذلك طابَ له رِبحُه، ولا أنكَرَه أحدٌ من الصَّحابةِ بحَضرتِه (٢).


(١) هذا الحَديثُ رَواه الإِمامُ البُخاريُّ في «صَحيحِه» وعَنوَنَ عليه: بابُ مَنِ استأجَرَ أَجيرًا فتَرَكَ الأَجيرُ أجرَهُ فَعَمِلَ فيهِ المُستَأجِرُ فزَادَ أو مَنْ عَملَ في مالِ غَيرهِ فاستَفضَلَ.
(٢) «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٦/ ٣٩٧، ٣٩٨)، ويُنْظَر: «مختصر اختلاف العُلماء» (٣/ ١٧٦)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ١٤)، و (٧/ ١٥٤)، و «الهداية» (٤/ ١٣)، و «العناية» (١٣/ ٣٥٥)، و «شرح فتح القدير» (٦/ ٤٧٥)، و «مجمع الأنهر» (٤/ ٨٣)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٢٢٩، ٢٣٠)، و «الذخيرة» (٩/ ١٧٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٦٢، ٢٦٣)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١١١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٢٣، ١٢٤)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٣٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٤٦)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ١٥٤)، و «الإشراف» (٦/ ٣٣٦، ٣٣٧)، و «مجموع الفتاوى» (٣٠/ ١٣٠)، و «مختصر الفتاوى المصرية» (٣٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>