عنه، كما لو ذبَحَ الشاةَ أو ضرَبَ النَّقرةَ دَراهمَ، ولأنَّه لا يُزيلُ المِلكَ إذا كانَ بغيرِ فِعلِ آدَميٍّ فلم يُزِلْه إذا فعَلَه آدَميٌّ كالذي ذَكَرناه.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: فإذا ثبَتَ هذا فإنَّه لا شَيءَ للغاصِبِ بعَملِه، سَواءٌ زادَت العَينُ أو لم تَزِدْ، وهذا مَذهبُ الشافِعيِّ، وذَكَر أبو الخَطابِ أنَّ الغاصِبَ يُشارِكُ المالِكَ بالزِّيادةِ؛ لأنَّها حصَلَت بمَنافِعِه، ومَنافِعُه أُجريَت مُجرى الأَعيانِ، فأشبَهَ ما لو غصَبَ ثَوبًا فصبَغَه، والمَذهبُ الأولُ، ذَكَره أبو بَكرٍ والقاضِي؛ لأنَّ الغاصِبَ عمِلَ في مِلكِ غيرِه بغيرِ إِذِنه فلم يَستحِقَّ لذلك عِوضًا، كما لو غَلى زَيتًا فزادَت قيمَتُه، أو بَنى حائِطًا لغيرِه أو زرَعَ حِنطةَ إِنسانٍ في أرضِه وكسائِرِ عَملِ الغاصِبِ، فأمَّا صَبغُ الثَّوبِ فإنَّ الصَّبغَ عَينُ مالٍ لا يَزولُ مِلكُ صاحِبِه عنه بجَعلِه في مِلكِ غيرِه، وهذا حُجةٌ عليه؛ لأنَّه إذا لم يَزُلْ مِلكُه عن صَبغِه بجَعلِه في مِلكِ غيرِه وجَعلِه كالصِّفةِ فلَأنْ يَكونَ لا يَزولُ مِلكُ غيرِه بعَملِه فيه أوْلى، فإنِ احتَجَّ بأنَّ مَنْ زرَعَ في أرضِ غيرِه يُردُّ عليه نَفقتُه، قُلنا: الزَّرعُ مِلكٌ للغاصِبِ؛ لأنَّه عَينُ مالِه، ونَفقتُه عليه تَزدادُ به قيمَتُه، فإذا أخَذَه مالِكُ الأرضِ احتسَبَ له بما أنفَقَ على مِلكِه، وفي مَسألتِنا عَملُه في مِلكِ المَغصوبِ منه بغيرِ إِذنِه فكانَ مُلغًى على أنَّنا نَقولُ: إنَّما تَجبُ قيمةُ الزَّرعِ على إحدى الرِّوايتَينِ (١).
وفي قَولٍ للشافِعيةِ أنَّ المَغصوبَ منه له أنْ يَتركَ الدَّقيقَ للغاصِبِ ويُطالبَه بمِثلِ الحِنطةِ؛ لأنَّها أقرَبُ إلى حَقِّه من الدَّقيقِ.