للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَلَّ على ارتِفاعِ مِلكِه عنها وعلى وُقوعِ مِلكِ مَنْ أحدَثَ فيها ما أحدَثَ من الذَّبحِ والشَّيِّ عليها، ولأنَّ في إِباحةِ الانتِفاعِ قبلَ أَداءِ البَدلِ فَتْحَ بابِ الغَصبِ؛ فيُحرمُ الانتِفاعُ قبلَ إِرضاءِ المالِكِ بأَداءِ البَدلِ أو إِبرائِه، حَسمًا لمادةِ الفَسادِ.

وقيلَ: إنَّه يَحلُّ له الانتِفاعُ إذا قَضى القاضِي بالضَّمانِ، ثم إذا أدَّى البَدلَ يَحلُّ له الانتِفاعُ؛ لأنَّ حَقَّ المالِكِ صارَ مُستوفًى بالبَدلِ، فجُعلَ مُبادَلةً بالتَّراضي، وكذا إذا أبرَأَه لسُقوطِ حَقِّه، وكذا إذا ضمِنَه الحاكِمُ أو ضمِنَه المالِكُ لوُجودِ الرِّضا منه؛ لأنَّه لا يَقضي الحاكِمُ إلا بطَلبِه.

وأمَّا إذا تَغيَّرت العَينُ المَغصوبةُ بنَفسِها كأنْ صارَ العِنبُ زَبيبًا بنَفسِه أو الرُّطبُ تَمرًا بنَفسِه فإنَّ المالِكَ فيه بالخيارِ: إنْ شاءَ أخَذَه وإنْ شاءَ ترَكَه وضمِنَه.

وكذا إذا لم يَزُلِ اسمُها -كما لو ذبَحَ الشاةَ- فإنَّه يُقالُ: شاةٌ حَيةٌ وشاةٌ مَذبوحةٌ.

وكذا إذا بَقيَت أعظَمُ مَنافعِها، كمَن غصَبَ فِضةً أو ذَهبًا فضرَبَها دَراهمَ أو دَنانيرَ لم يَزُلْ مِلكُ مالِكِها عنها عندَ الإِمامِ أَبي حَنيفةَ، فيَأخُذُهما ولا شَيءَ للغاصِبِ.

وقالَ أَبو يُوسفَ ومُحمدٌ: يَملكُهما الغاصِبُ وعليه مِثلُهما (١).


(١) «الهداية» (٤/ ١٥)، و «شرح مشكل الآثار» (٧/ ٤٥٦)، و «تبيين الحقائق» (٥/ ٢٢٦)، و «العناية» (١٣/ ٣٥٨، ٣٥٩)، و «الاختيار» (٣/ ٧٧)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٢٧، ١٢٩)، و «اللباب» (١/ ٦٣٤، ٦٣٥)، و «البحر الرائق» (٨/ ١٣٠)، و «مجمع الضمانات» (١/ ٣٢٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>