للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنْ كانَت من غيرِ جِنسِه وجَبَت بكلِّ حالٍ، وإنْ كانَت من جِنسِه فكانَت مَوزونةً وجَبَت قيمَتُه، وإنْ كانَت أقَلَّ أو أكثَرَ قُوِّم بغيرِ جِنسِه؛ لئلَّا يُؤدِّيَ إلى الرِّبا، وقالَ القاضِي: إنْ كانَت فيه صِناعةٌ مُباحةٌ فزادَت قيمَتُه من أَجلِها جازَ تَقويمُه بجِنسِه؛ لأنَّ ذلك قيمَتُه، والصِّناعةُ لها قيمةٌ، وكذلك لو كسَرَ الحُليَّ وجَبَ أَرشُ كَسرِها، ويُخالِفُ البَيعَ؛ لأنَّ الصِّناعةَ لا يُقابِلُها العِوضُ في العُقودِ ويُقابِلُها في الإِتلافِ، ألَا تَرى أنَّها لا تَنفرِدُ بالعَقدِ وتَنفرِدُ بضَمانِها بالإِتلافِ؟

قالَ بعضُ أَصحابِ الشافِعيِّ: هذا مَذهبُ الشافِعيِّ، وذكَرَ بعضُهم مِثلَ القَولِ الأولِ، وهو الذي ذكَرَه أَبو الخَطابِ؛ لأنَّ القيمةَ مَأخوذةٌ على سَبيلِ العِوضِ، فالزِّيادةُ فيه رِبًا كالبَيعِ والنَّقصِ، وقد قالَ أَحمدُ في رِوايةِ ابنِ مَنصورٍ: إذا كسَرَ الحُلِيَّ يُصلحُها أحَبُّ إلَيَّ.

قالَ القاضِي: وهذا مَحمولٌ على أنَّهما تَراضَيا بذلك، لا أنَّه على طَريقِ الوُجوبِ، وهذا فيما إذا كانَت الصِّناعةُ مُباحةً، فإنْ كانَت مُحرَّمةً كالأَوانِي وحُليِّ الرِّجالِ لم يَجزْ ضَمانُه بأكثَرَ من وَزنِه وَجهًا واحِدًا؛ لأنَّ الصِّناعةَ لا قيمةَ لها شَرعًا فهي كالمَعدومةِ (١).

قالَ المالِكيةُ: الغاصِبُ إذا غصَبَ مِثليًّا مَكيلًا أو مَوزونًا أو مَعدودًا فعيَّبَه أو أتلَفَه فإنَّه يَضمَنُ مِثلَه، ولو كانَ المِثليُّ وَقتَ الغَصبِ غاليًا ووَقتَ القَضاءِ به رَخيصًا على المَشهورِ.


(١) «المغني» (٥/ ١٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>