للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ القَطَّانِ الفاسيُّ : واتَّفَقوا على أنَّ عليه رَدَّ مِثلِه إذا كانَ المِثلُ مَوجودًا (١).

وقالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ : ما تَتماثَلُ أَجزاؤُه وتَتقارَبُ صِفاتُه كالدَّراهمِ والدَّنانيرِ والحُبوبِ والأَدهانِ ضُمِنَ بمِثلِه بغيرِ خِلافٍ (٢).

وقالَ أيضًا: وأمَّا سائِرُ المَكيلِ والمَوزونِ فظاهِرُ كَلامِ أَحمدَ أنَّه يُضمَنُ بمِثلِه أيضًا، فإنَّه قالَ في رِوايةِ حَربٍ وإِبراهيمَ بنِ هانِئٍ: ما كانَ من الدَّراهمِ والدَّنانيرِ وما يُكالُ ويُوزنُ فعليه مِثلُه دونَ القيمةِ. فظاهِرُ هذا وُجوبُ المِثلِ في كلِّ مَكيلٍ ومَوزونٍ، إلا أنْ يَكونَ ممَّا فيه صِناعةٌ كمَعمولِ الحَديدِ والنُّحاسِ والرَّصاصِ من الأَوانِي والآلاتِ ونَحوِها، والحُليِّ من الذَّهبِ والفِضةِ وشِبهِهما، والمَنسوجِ من الحَريرِ والكَتَّانِ، والقُطنِ والصُّوفِ والشَّعرِ والمَغزولِ من ذلك، فإنَّه يَضمنُ بقيمَتِه؛ لأنَّ الصِّناعةَ تُؤثِّرُ في قيمَتِه، وهي مُختلفةٌ، فالقيمةُ فيه أحصَرُ، فأشبَهَ غيرَ المَكيلِ والمَوزونِ.

وذكَرَ القاضِي أنَّ النَّقرةَ والسَّبيكةَ من الأَثمانِ، وتُضمَنُ العِنبُ والرُّطبُ والكُمِّثْرى بقيمَتِها، وظاهِرُ كَلامِ أَحمدَ يَدلُّ على ما قُلنا، وإنَّما خرَجَ منه ما فيه الصِّناعةُ لمَا ذَكَرنا، ويَحتملُ أنْ يَضمنَ النَّقرةَ بقيمَتِها لتَعذُّرِ وُجودِ مِثلِها، إلا بتَكسيرِ الدَّراهمِ المَضروبةِ وسَبكِها، وفيه إِتلافٌ، فعلى هذا إنْ كانَ المَضمونُ بقيمَتِه من جِنسِ الأَثمانِ وجَبَت قيمَتُه من غالِبِ نَقدِ البَلدِ،


(١) «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١٥٩٠)، رقم (٣١٠٦).
(٢) «المغني» (٥/ ١٤٠)، و «منار السبيل» (٢/ ٢٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>