للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الغاصِبِ فعليه ضَمانُ النُّقصانِ؛ لأنَّه دخَلَ في ضَمانِه بجَميعِ أَجزائِه، فما تَعذَّرَ رَدُّ عَينِه منها وجَبَ رَدُّ قيمَتِه.

وضَمانُ النُّقصانِ من حيثُ فَواتُ الجُزءِ لا من حيثُ السِّعرُ؛ لأنَّه عِبارةٌ عن فُتورِ الرَّغباتِ دونَ فَواتِ الجُزءِ، وأمَّا الرِّبويُّ فلا يُمكنُ فيه ضَمانُ النُّقصانِ مع استِردادِ الأَصلِ؛ لأنَّه يُؤدِّي إلى الرِّبا.

وأمَّا إذا تَغيَّر في يَدِ الغاصِبِ تَغيُّرًا يَسيرًا كما لو خرَقَ الثَّوبَ خَرقًا يَسيرًا فإنَّه يَضمَنُ نُقصانَه فقط، والثَّوبُ لمالِكِه؛ لأنَّ العَينَ قائِمةٌ من كلِّ وَجهٍ، وإنَّما دخَلَه عَيبٌ فيَضمَنُ العَيبَ.

وأمَّا إنْ كانَ التَّغيُّرُ كَثيرًا بأنْ خرَقَه خَرقًا كَثيرًا بحيث يُبطلُ عامَّةَ منافِعِه فلمالِكِه الخيارُ بينَ أنْ يُضمِّنَه جَميعَ قيمَتِه؛ لأنَّه استِهلاكٌ له من هذا الوَجهِ، وإذا ضمِنَ قيمَتَه ملَكَه؛ لأنَّ صاحِبَه لمَّا ملَكَ القيمةَ ملَكَ الغاصِبُ بدَلَها، حتى لا يَجتمعَ في مِلكِ المَغصوبِ منه البَدَلانِ.

وإنْ شاءَ صاحِبُ الثَّوبِ ضمَّنَه النُّقصانَ؛ لأنَّه لم يَستهلِكْه استِهلاكًا تامًّا ولا اتَّصلَ بزِيادةٍ، والمُماثلةُ فيه غيرُ مُعتبَرةٍ، فلهذا جازَ أنْ يُضمِّنَه النُّقصانَ ويأخُذَه، ولأنَّه تعَيَّب من وَجهٍ؛ لبَقاءِ العَينِ وبَعضِ المَنافعِ.

واختَلفَ المُتأخِّرونَ في الخَرقِ الفاحِشِ، قالَ بَعضُهم: هو ما أوجَبَ نُقصانَ رُبعِ القيمةِ، وما دونَه يَسيرٌ، وقالَ بعضُهم: ما أوجَبَ نُقصانَ نِصفِ القيمةِ، وقيلَ: ما لا يَصلحُ الباقي بعدَه لثَوبٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>