مُسارعتِه ومُبادرتِه إليها وسُلوكِه طَريقَها وإِلزامُه بطَريقِ أَهلِ الجَحيمِ والكَونِ معَهم والحُكمُ عليه بالنارِ وسَدِّ طَريقِ النَّجاةِ عليه معَ فِرارِه إلى اللهِ منها؟ هذا مِنْ أَمحلِ المُحالِ، ولأنَّ هذا إِجماعُ الصَّحابةِ، فإنَّ عَليًّا ﵁ أسلَمَ صَبيًّا وكانَ يَفتخرُ بذلك ويَقولُ:
سبقْتُكمُ إلى الإِسلامِ طُرًّا … صَبيًّا ما بلَغْتُ أَوانَ حُلْمي
فكيفَ يُقالُ إنَّ إِسلامَه كان باطِلًا لا يَصحُّ، ولهذا قالَ غيرُ واحدٍ مِنْ التابِعينَ ومَن بعدَهم: أَولُ مَنْ أسلَمَ مِنْ الرِّجالِ أَبو بَكرٍ، ومِن الصِّبيانِ عليٌّ، ومِن النِّساءِ خَديجةُ، ومِن العَبيدِ بِلالٌ، ومِن المَوالي زَيدٌ.
وقالَ عُروةُ بنُ الزُّبيرِ: أسلَمَ عَليٌّ والزُّبيرُ وهما ابنا ثَماني سِنينَ، وبايعَ عَبدُ اللهِ بنُ الزُّبيرِ وعُمرُه سَبعُ سِنينَ أو ثَمانٍ، فضحِكَ النَّبيُّ ﷺ لمَّا رآه.
وقالَ ابنُ عَباسٍ ﵄: كنَّا أنا وأُمي مِنْ المُستضعَفينِ بمَكةَ، وماتَ النَّبيُّ ﷺ ولمْ يَحتلمْ، ولمْ يَردَّ النَّبيُّ ﷺ على أَحدٍ مِنْ الصِّبيانِ إِسلامَه قط، بل كانَ يَقبلُ إِسلامَ الصَّغيرِ والكَبيرِ والحُرِّ والعَبدِ والذِّكرِ والأُنثى، ولمْ يَأمرْ هو ولا أَحدٌ مِنْ خُلفائِه ولا أَحدٌ مِنْ أَصحابِه صَبيًّا أسلَمَ قبلَ البُلوغِ عندَ البُلوغِ أنْ يُجدِّدَ إِسلامَه، ولا عُرفَ هذا في الإِسلامِ قطُّ.
وأما قَولُه ﷺ: «رُفعَ القَلمُ عن ثَلاثةٍ» فلمْ يُردْ به النَّبيُّ ﷺ أنَّه لا يَصحُّ إِسلامُه ولا ذكِرُه ولا قِراءتُه ولا صَلاتُه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute