للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولعَدمِ مَيلِه إليهما طَبعًا، ولا يُتركُ في يدِهما لتَعذرِ أو تَعسرِ الاجتِماعِ على الحَضانةِ. (١)

وقالَ الحَنابِلةُ: إذا التَقطَه اثنانِ وكانَ كلُّ واحدٍ منهما مِمَّنْ يُقرُّ في يدِه لو انفرَدَ إلا أنَّ أَحدَهما أَحظُّ للَّقيطِ مِنْ الآخرِ بأنْ يَكونَ أَحدُهما مُوسرًا والآخرُ مُعسرًا فالمُوسرُ أَحقُّ؛ لأنَّ ذلك أَحظُّ للطِفلِ، وكذلك إنْ كانَ أَحدُهما مُقيمًا والآخرُ مُسافرًا؛ لأنَّه أَرفقُ بالطِّفلِ.

فإنْ تساوَيا في كَونِهما مُسلِمينِ عَدلينِ حُرَّينِ مُقيمَينِ فهما سَواءٌ فيه، فإنْ رضِيَ أَحدُهما بإِسقاطِ حَقِّه وتَسليمِه إلى صاحِبِه جازَ؛ لأنَّ الحَقَّ له فلا يُمنعُ مِنْ الإِيثارِ به، وإنْ تشاحَّا أُقرعَ بينهما؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ﴾ [آل عمران: ٤٤]، ولأنَّه لا يُمكنُ كَونُه عندَهما؛ لأنَّه لا يُمكنُ أنْ يَكونَ عندَهما في حالةٍ واحدةٍ، وإنْ تهايَآه فجُعلَ عندَ كلِّ واحدٍ يَومًا أو أَكثرَ مِنْ ذلك أضَرَّ بالطِّفلِ؛ لأنَّه تَختلفُ عليه الأَغذيةُ والأُنسُ والأُلفُ، ولا يُمكنُ دَفعُه إلى أَحدِهما دونَ الآخرِ بغيرِ قُرعةٍ؛ لأنَّ حَقَّهما مُتساوٍ فتَعيُّنُ أَحدِهما بالتَّحكمِ لا يَجوزُ، فتعيَّنَ الإِقراعُ بينَهما كما يُقرعُ بينَ الشُّركاءِ في تَعيينِ السِّهامِ في القِسمةِ، وبينَ النِّساءِ في البِدايةِ بالقِسمةِ، وبينَ العَبيدِ في الإِعتاقِ، والرَّجلُ والمَرأةُ سَواءٌ، ولا تُرجحُ المَرأةُ ها هنا كما تُرجحُ في حَضانةِ وَلدِها على أَبيه؛ لأنّها رُجِّحَت لشَفقتِها على وَلدِها وتَولِّيها


(١) «النجم الوهاج» (٦/ ٥٤، ٥٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥٢٥)، و «الديباج» (٢/ ٥٦٨)، و «تحفة المحتاج» (٧/ ٦٥٣، ٦٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>