للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَنيًّا والآخرُ فَقيرًا فيُقدمُ الغَنيُّ عندَ الجُمهورِ، وكذا الأَصلحُ للطِّفلِ، ويَستوي في هذا الرَّجلُ والمَرأةُ.

قالَ المالِكيةُ: إذا ازدحَمَ اثنانِ أو أَكثرُ قُدمَ الأَكفأُ منهم والأَقوى على كَفالتِه، وهو مَنْ لا يَخشى الوَلدُ عندَه ضَيعةً، فإنْ عُدمَ ذلك كلُّه أُقرعَ بينهم، فأيُّهم خرَجَ له أخَذَه (١).

وقالَ الحَنفيةُ: المُلتقِطُ إذا كانَ مُتعدِّدًا فإنْ أمكَنَ التَّرجيحُ اختصَّ به الراجِحُ، وإذا استوَيا في صِفاتِ التَّرجيحِ كلِّها بأنْ كانَا مُسلِمينِ أو كافِرينِ فالرَّأيُ للقاضِي، ويَنبغي أنْ يُرجِّحَ ما هو أَنفعُ للَّقيطِ، بأنْ يُقدمَ العَدلَ على الفاسِقِ والغَنيَّ على الفَقيرِ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: إذا التَقطَه اثنانِ معًا وهما أَهلٌ لحِفظِه وحِفظِ مالِه فالأَصحُّ أنَّه يُقدمُ غَنيٌّ على فَقيرٍ ولو كانَ بَخيلًا؛ لأنَّه أَرفقُ به غالبًا، وقد يُواسيه بمالِه، ولا عِبرةَ بتَفاوتِهما في الغِنى إلا إنْ تميَّزَ أَحدُهما بنحوِ سَخاءٍ وحُسنِ خُلقٍ، ويُقدمُ عَدلٌ ولو فَقيرًا على مَستورٍ احتِياطًا للَّقيطِ، ولا تُقدمُ امرَأةٌ على رَجلٍ وإنْ كانَت أَصبَرَ منه في التَّربيةِ إلا مُرضِعةً في رَضيعٍ.

فإنِ استوَيا في الصِّفاتِ المُعتبَرةِ وتشاحَّا أُقرعَ بينهما؛ إذ لا مُرجِّحَ،


(١) «التاج والإكيليل» (٥/ ٤٨)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٣٣)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٣٧)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٤٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ٢٨٥).
(٢) «البحر الرائق» (٥/ ١٥٦)، و «ابن عابدين» (٤/ ٢٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>