للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ يَقوى على ذلك راضيًا بأنْ يُنفقَ عليها مِنْ مالِه، ودَلالةُ الإِذنِ كصَريحِ الإِذنِ، ولكنَّا نَقولُ: هذه الاستِعانةُ والرِّضا يُحتمَلُ أنْ يَكونَ مِنه على وَجهِ التَّبرعِ، ويُحتملُ أنْ يَكونَ على وَجهِ الرُّجوعِ عليه بما يُنفقُ، والمُحتملُ لا يَصلحُ حُجةً لإِيجابِ الدَّينِ له في ذِمتِه، وهو نَظيرُ المُودَعِ يُنفقُ على الوَديعةِ في حالِ غَيبةِ صاحِبِها بغيرِ أَمرِ القاضِي، فإنَّه لا يَرجعُ على صاحِبِها بما أنفَقَ لهذا المَعنى، كذا هذا، واللهُ المُوفِّقُ (١).

وقالَ ابنُ عابدِينَ : في لُقطةِ «التاترَخانيَّة»: مَنْ ترَكَ دابَّةً لا قِيمةَ لها مِنْ الهُزالِ ولَم يُبحْها وَقتَ التَّركِ، فأخَذَها رَجلٌ وأصلَحَها، فالقِياسُ أنْ تَكونَ للآخِذِ كقُشورِ الرُّمانِ المَطروحةِ، وفي الاستِحسانِ تَكونُ لصاحِبِها.

قالَ مُحمدٌ: لأنَّا لو جَوَّزنا ذلك في الحَيوانِ لجَوَّزنا في الجارِيةِ تُرمى في الأَرضِ مَريضةً لا قِيمةَ لها، فيَأخذُها رَجلٌ ويُنفقُ عليها فيَطؤُها مِنْ غَيرِ شِراءٍ ولا هِبةٍ ولا إِرثٍ ولا صَدقةٍ، أو يَعتقُها مِنْ غيرِ أنْ يَملكَها، وهذا أَمرٌ قَبيحٌ. اه مُلخصًا.

ومُقتضاه أنَّ غيرَ الحَيوانِ كالقُشورِ يَكونُ طَرحُه إِباحةً بدُونِ تَصريحٍ، وأنَّه يَملكُه الآخِذُ، بخِلافِ الحَيوانِ فلا يَملكُه إلا بالتَّصريحِ بالإِباحةِ (٢).

وقالَ الإِمامُ الماوِرديُّ : إذا ترَكَ الرَّجلُ الدابَّةَ أو البَعيرَ حَسرًا في الصَّحراءِ لعَجزِه عن السَّيرِ وعَجزِ المالِكِ عن حَملِه أو المُقامِ عليه فمرَّ به


(١) «شرح كتاب السير الكبير» (١/ ٢١٢، ٢١٣).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٢/ ٥٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>