للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما في الشَّاةِ، ولأنَّه إذا لَم يُخشَ عليها مِنْ السِّباعِ لَم يُؤمَنْ عليها مِنْ يدٍ خائِنةٍ، فنُدِبَ أَخذُها صِيانةً لها، وما لها مِنْ القُوةِ ربَّما يَكونُ سَببًا للضَّياعِ كما هو سَببُ الصِّيانةِ عن السِّباعِ فتَعارَضا، فأُلحِقَت بالشَّاةِ.

ولأنَّ الأَخذَ حالَ خَوفِ الضَّيعةِ إِحياءٌ لمالِ المُسلِمِ فيَكونَ مُستحَبًّا، وحالَ عدمِ الخَوفِ ضَربُ إِحرازٍ فيَكونَ مُباحًا كما ذكَرْنا.

فإنْ أنفَقَ المُلتقِطُ عليها بغيرِ إِذنِ الحاكِمِ فهو مُتبَرِّعٌ؛ لقُصورِ وِلايتِه عن ذِمةِ المالِكِ، وإنْ أنفَقَ بأَمرِه كانَ ذلك دَينًا على صاحِبِها؛ لأنَّ للقاضِي وِلايةً في مالِ الغائِبِ نَظرًا له، وقد يَكونُ النَّظرُ في الإِنفاقِ.

وإذا رُفعَ ذلك إلى الحاكِمِ نظَرَ فيه، فإنْ كانَ للبَهيمةِ مَنفعةٌ آجرَها وأنفَقَ عليها مِنْ أُجرتِها؛ لأنَّ فيه إِبقاءَ العَينِ على مِلكِه مِنْ غيرِ إِلزامِ الدَّينِ عليه.

وإنْ لَم تَكنْ لها مَنفعةٌ وخافَ أنْ تَستغرقَ النَّفقةُ قِيمتَها باعَها وأمَرَ بحِفظِ ثَمنِها؛ إِبقاءً له معنًى عندَ تَعذرِ إِبقائِه صُورةً.

وإنْ كانَ الأَصلحُ الإِنفاقَ عليها أذِنَ الحاكِمُ في ذلك، وجعَلَ النَّفقةَ دَينًا على مالِكِها؛ لأنَّه نصبَ ناظرًا، وفي هذا نَظرٌ مِنْ الجانِبينِ، قالُوا: إنَّما يَأمرُ بالإِنفاقِ يَومينِ أو ثَلاثةَ أَيامٍ على قَدرِ ما يَرى؛ رَجاءَ أنْ يَظهرَ مالِكُها، فإذا لَم يَظهرْ يَأمرُ ببَيعِها؛ لأنَّ استِدامةَ النَّفقةِ مُستأصَلةٌ فلا نَظرَ في الإِنفاقِ مُدةً مَديدةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>