للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشافِعيةُ في الأَصحِّ: إذا لَم يَجدْ حاكِمًا باعَه مُستقلًّا، وإنْ وجَدَه فلا بدَّ مِنْ إِذنِه.

وهل يُعرِّفُها في هذه المَواضعِ؟ فعندَ الشافِعيةِ والحَنابِلةِ كما اختارَه ابنُ قُدامةَ حيثُ قالَ: ولَم يَذكرْ أَصحابُنا لها تَعريفًا في هذه المَواضعِ، وهذا قَولُ مالكٍ؛ لحَديثِ زَيدِ بنِ خالِدٍ، فإنَّه قالَ: «خُذْها فإنَّما هي لك أو لأَخيك أو للذِّئبِ». ولَم يَأمرْ بتَعريفِها كما أمَرَ في لُقطةِ الذَّهبِ والورِقِ.

ولنا: إنَّها لُقطةٌ لها خطرٌ فوجَبَ تَعريفُها كالمَطعومِ الكِثيرِ، وإنَّما تَركَ ذِكرَ تَعريفِها لأنَّه ذكَرَها بعدَ بَيانِه التَّعريفَ فيما سِواها، فاستَغنى بذلك عن ذكرِه فيها، ولا يَلزمُ مِنْ جَوازِ التَّصرفِ فيها في الحَولِ سُقوطُ التَّعريفِ كالمَطعومِ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: إنْ باعَها حفِظَ ثمَنَها وعرَّفَها -أي اللُّقطةُ التي باعَها-، وكانَ تَعريفُها بمَكانٍ يَصلحُ للتَّعريفِ، ثُم تملَّكَ الثَمنَ.

وقالُوا: والتَّخييرُ بينَ هذه الخِصالِ ليسَ تَشهِّيًا، بل عليه فِعلُ الأَحظِّ قِياسًا على ما يُمكنُ تَجفيفُه.

وهذا إذا أخَذَها مِنْ الصَّحراءِ، أمَّا إن أخِذِها مِنْ العُمرانِ فله الخَصلتانِ الآخرَتانِ، وهما الإِمساكُ أو البَيعُ لا الأَكلَ في الأَصحِّ كما تَقدمَ (٢).


(١) «المغني» (٦/ ٣٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٦٢).
(٢) «روضة الطالبين» (٤/ ٢١٢)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥١٠)، و «الديباج» (٢/ ٥٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>