للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجَدَها به، ولأنَّ النَّبيَّ قالَ: «هي لك أو لأَخيك أو للذِّئبِ» والذِّئبُ لا يَكونُ في المِصرِ.

وجاءَ في «المُدوَّنة الكُبرى»: (قُلتُ): أرأَيتَ مَنْ التَقطَ شاةً في فَيافي الأَرضِ أو فيما بينَ المَنازلِ؟ (قالَ): سَألتُ مالِكًا عن ضالَّةِ الغَنمِ يَجدُها الرَّجلُ (قالَ): قالَ مالِكٌ: أمَّا ما كانَ قُربَ القُرى فلا يَأكلُها، وليَضمَّها إلى أَقربِ القُرى إليها يُعرِّفُها فيها. (قالَ): وأما ما كانَ في فَلواتِ الأَرضِ والمَهامِهِ فإنَّ تلك يَأكلُها ولا يُعرِّفُها، فإنْ جاءَ صاحِبُها فليسَ له عليه مِنْ ثَمنِها قَليلٌ ولا كَثيرٌ، وكذلك قالَ مالِكٌ، قالَ: ألا تَرى أنَّ النَّبيَّ قالَ في الحَديثِ: «هي لك أو لأَخيك أو للذِّئبِ»؟ (١)

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا فَرقَ بينَ أنْ يَجدَها بمِصرٍ أو بمَهلَكةٍ؛ لأنَّ النَّبيَّ قالَ: «خُذْها»، ولَم يُفرقْ ولَم يَستفصلْ، ولو افتَرقَ الحالُ لسأَلَ أو استفصَلَ، ولأنَّها لُقطةٌ فاستَوَى فيها المِصرُ والصَّحراءُ كسائِرِ اللُّقطاتِ، إلا أنَّ الحَنفيةَ قَيَّدُوا ذلك بما إذا خافَ عليها التَّلفَ أو الضَّياعَ مثلَ أنْ يَكونَ البَلدُ فيها الأَسدُ أو اللُّصوصُ، أمَّا إذا كانَت مَأمونةَ التَلفِ فلا يَأخذُها (٢).

قالَ ابنُ قُدامةَ: وقَولُهم إنَّ الذِّئبَ لا يَكونُ إلا في الصَّحراءِ، قُلنا: كَونُها للذِّئبِ في الصَّحراءِ لا يَمنعُ كَونَها لغيرِه في المِصرِ.


(١) «المدونة الكبرى» (١٥/ ١٧٥)، و «المعونة» (٢/ ٢٢٥).
(٢) «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٩٣)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٥١٠)، و «المغني» (٦/ ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>