للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ رشدٍ : وأمَّا ضالَّةُ الغَنمِ فإنَّ العُلماءَ اتَّفقوا على أنَّ لواجدِ ضالَّةِ الغَنمِ في المَكانِ القفرِ البَعيدِ مِنْ العُمرانِ أنْ يَأكلَها؛ لقَولِه في الشَّاةِ: «هي لك أو لأَخيك أو للذِّئبِ» (١).

وقالَ ابنُ عبدِ البَرِّ : وأَجمَعوا على أنَّ ضالَّةَ الغَنمِ في المَوضعِ المَخوفِ عليها له أكلُها (٢).

قالَ ابنُ قُدامةَ : وكذلك الحُكمُ في كلِّ حَيوانٍ لا يَمتنعُ بنفسِه مِنْ صِغارِ السِّباعِ، وهي الثَّعلبُ وابنُ آوى والذِّئبُ ووَلدُ الأَسدِ ونحوُها، فما لا يَمتنعُ مِنها كفُصلانِ الإبلِ وعُجولِ البَقرِ وأَفلاءِ الخَيلِ-أولادُها- والدَّجاجِ والإِوزِّ ونحوِها يَجوزُ التِقاطُه (٣).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلَفوا، هل هذا الحُكمُ خاصٌّ بمَن يَجدُها في الفلاةِ والصَّحراءِ والمَواضعِ المُهلِكةِ؟ أم هو عامٌّ مُطلقًا سَواءٌ كانَ في المِصرِ والعُمرانِ أو في الصَّحراءِ؟

فذهَبَ الإِمامُ مالِكٌ وأَبو عُبيدٍ وابنُ المُنذرِ إلى أنَّ هذا الحُكمَ خاصٌّ بمَن وجَدَها في مَهلكةٍ، أمَّا مَنْ وجَدَها في المِصرِ أو إلى جَنبِ قَريةٍ أو مَوضعٍ يُمكنُ ضَمُّها إليه لَم يَجزْ له أَخذُها؛ لأنَّه يَصلُ إلى حِفظِها على صاحِبِها مِنْ غيرِ مَشقةٍ عليه، فلَم يَجزْ إِتلافُها، ولها قِيمةٌ في المَوضعِ الذي


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ٢٣٠، ٢٣١).
(٢) «التمهيد» (٣/ ١٠٨)، و «الاستذكار» (٧/ ٢٤٥).
(٣) «المغني» (٦/ ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>