وأمَّا العِفاصَ والوِكاءَ إذا وصَفَ أَحدَهما وجهِلَ الآخرَ أو غلِطَ فيه ففي ذلك ثَلاثةُ أَقوالٍ، أَحدُها أنَّه لا شيءَ له إلا بمَعرفَتِهما جميعًا، والثانِي أنَّه يَستبرئُ أَمرَه، فإنْ لَم يَأتِ أَحدٌ بأَثبتَ مما أَتى به دُفعَت له، والثَّالثُ أنَّه إنِ ادَّعى الجَهالةَ استَبرأَ أَمرَه، وإنْ غلِطَ لَم يَكنْ له شيءٌ، وهذا أَعدلُ الأَقوالِ واللهُ أَعلمُ.
ولو جهِلَ العِفاصَ والوِكاءَ جميعًا وعرَّفَ عَددَ الدَّنانيرِ وصِفتَها ووَزنَها لتَخرُجَ على قَولِ أَصبغَ الذي قالَه على طَريقِ الاستِحسانِ إذا وصَفَ أَحدَ المُدعيينَ العِفاصَ والوِكاءَ والآخرُ عددَ الدَّنانيرِ وصِفتَها ووَزنَها أن تُقسمَ بينَهما، أنْ تَكونَ له إذا جاءَ وَحدَه فوصَفَ عَددَ الدَّنانيرِ والدَّراهمِ وصِفتَها ووَزنَها وجهِلَ العِفاصَ والوِكاءَ جميعًا وباللهِ التَّوفيقُ (١).
وقالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: فإنْ وصَفَها اثنانِ أُقرعَ بينَهما، فمَن وقَعَت له القُرعةُ حلَفَ أنَّها له وسُلِّمَت إليه، وهكذا إنْ أَقاما بَينتَينِ أُقرعَ بينَهما، فمَن وقَعَت له القُرعةُ حلَفَ ودُفعَت إليه، ذكَرَه القاضِي.
وقالَ أَبو الخَطابِ: تُقسمُ بينَهما لأنَّهما تَساوَيا فيما يُستحَقُّ به الدَّفعُ فتَساوَيا فيها، كما لو كانَت في أَيدِيهما.
والذي قُلنا أَصحُّ وأَشبهُ بأُصولِنا فيما إذا تَداعَيا عينًا في يدِ غيرِهما، ولأنَّهما تَداعَيا عينًا في يدِ غيرِهما وتَساوَيا في البَينةِ أو في عَدمِها، فتَكونُ لمَن وقَعَت له القُرعةُ، كما لو ادَّعيَا وَديعةً في يدِ إِنسانٍ فقالَ: هي لأَحدِكما لا