قالَ مُحمدُ بنُ رُشدٍ: قالَ إنَّه إذا ادَّعى اللُّقطةَ رَجلانِ، فوصَفَ أَحدُهما الِعفاصَ والوِكاءَ، ووصَفَ الآخرُ عَددَ الدَّنانيرِ ووَزنَها فإنَّها للذي عرَّفَ العِفاصَ والوِكاءَ، يُريدُ معَ يَمينِه، والاختِلافُ في هذا، وإنَّما لا اختِلافَ إذا جاءَ وَحدَه، فقيلَ إنَّها تُدفعُ إليه بالصِّفةِ دونَ يَمينٍ، وهو ظاهِرُ مَذهبِ ابنِ القاسِمِ في المُدونةِ، والوَجهُ في ذلك أنَّ الصِّفةَ في اللُّقطةِ التي لا دافِعَ لها كالبَينةِ القاطِعةِ فيما له مَنْ يَدفعُ عنه، وقيلَ: إنَّه لا يَدفعُ إليه إلا بيَمينٍ.
وقالَ: إنْ وصَفَها رَجلانِ استُحلِفا، فإنْ حلَفَ أَحدُهما ونكَلَ الآخرُ فهي لمَن حلَفَ مِنهما، وإنْ حَلَفا جميعًا أو نَكَلا جميعًا قُسِّمَت بينَهما، فقولُه إنَّه يُقسَّمُ بينَهما إذا نَكلا ردٌّ لقَولِه إنَّه لا يَدفعُ إليه إذا جاءَ وَحدَه إلا بيَمينٍ، واستَحسنَ أَصبغُ في أَحدِ قَوليه إذا وصَفَ أَحدُهما العِفاصَ والوِكاءَ ووصَفَ الآخرُ عَددَ الدَّنانيرِ والدَّراهمِ، وصِفتُها أنْ تُقسَّمَ بينَهما بعدَ أَيمانِهما، كما لو اجتَمَعا جميعًا على صِفةِ العِفاصِ والوِكاءِ.
والاختِيارُ أن يَصفَ مُدَّعي اللُّقطةِ العِفاصَ والوِكاءَ وما اشتَملا عليه مِنْ عَددِ الدَّنانيرِ والدَّراهمِ وصِفتَها، فإنْ وصَفَ بَعضًا وجهِلَ بَعضًا أو غلِطَ فيه ففي ذلك اختِلافٌ وتَفصيلٌ: فأمَّا جَهلُه بالعَددِ فلا يَضرُّه إذا عرَّفَ العِفاصَ والوِكاءَ، وكذلك غَلطُه فيه بالزِّيادةِ لا يَضرُّه؛ لجَوازِ أنْ يَكونَ قد اغتِيلَ في شيءٍ مِنها، واختُلفَ في غَلطِه فيه بالنُّقصانِ إذا عرَّفَ العِفاصَ والوِكاءَ على قَولينِ، وكذلك اختُلفَ في غَلطِه فيه بالنُّقصانِ إذا عرَّفَ العِفاصَ والوِكاءَ، وأمَّا إذا غلِطَ في صِفةِ الدَّنانيرِ فلا أَعلمُ خِلافًا في أنَّ لا شيءَ له.