للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخَطابِ أنَّه إنْ قصَدَ الحِفظَ لصاحِبِها دونَ تَملُّكِها رجَعَ بالأَجرِ على مالِكِها، وكذلك قالَ ابنُ عَقيلٍ فيما لا يُملكُ بالتَّعريفِ؛ لأنَّه مِنْ مُؤنةِ إِيصالِها إلى صاحِبِها، فكانَ على مالِكِها كأَجرِ مَخزنِها ورَعيِها وتَجفيفِها.

ولنا أنَّ هذا أَجرٌ وَاجبٌ على المُعرِّفِ، فكانَ عليه كما لو قصَدَ تَملُّكَها، ولأنَّه لو ولِيَه بنَفسِه لَم يَكنْ له أَجرٌ على صاحِبِها، فكذلك إذا استَأجرَ عليه لا يَلزمُ صاحِبُها شيءٌ، ولأنَّه سَببٌ لمِلكِها فكانَ على المُلتقِطِ كما لو قصَدَ تَملُّكَها.

وقالَ مالِكٌ: إنْ أَعطى مِنها شيئًا لمَن عرَّفَها فلا غُرمَ عليه، كما لو دفَعَ مِنها شيئًا لمَن جفَّفَها، وقد ذكَرْنا الدَّليلَ على ذلك (١).

وقالَ ابنُ مُفلحٍ : وأَجرُ المُنادي عليه -أي على المُلتقِطِ- نصَّ عليه؛ لأنَّه سَببٌ فكانَت الأُجرةُ عليه، كما لو اكتَرى شَخصًا يَقطعُ له مُباحًا، فلو توَلى ذلك بنَفسِه فلا شيءَ له.

وقالَ أَبو الخَطابِ: ما لا يُملكُ بالتَّعريفِ وما يُقصدُ حِفظُه لمالِكِه يَرجعُ بالأُجرةِ عليه؛ لأنَّه مِنْ مُؤنةِ إِيصالِها إليه، فكانَ على مالِكِها كأُجرةِ مُخزِّنِها وراعِيها، ونُسبَ في «المُغني» و «الشَّرح» ما لا يُملكُ بالتَّعريفِ إلى ابنِ عَقيلٍ وما يُقصدُ حِفظُه إلى أَبي الخَطابِ، وعندَ الحَلوانِيِّ وابنِه مِنها كمُؤنةِ التَّجفيفِ، وقيلَ مِنها إنْ لَم يَملِكْ، وذكَرَه في «الفُنون» ظَاهرُ كَلامِ أَصحابِنا (٢).


(١) «المغني» (٦/ ٥).
(٢) «المبدع» (٥/ ٢٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>