للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ صاحِبَها في الغالِبِ إنَّما يَتوقَّعُها ويَطلبُها عُقيبَ ضَياعِها، فيَجبُ تَخصيصُ التَّعريفِ به (١).

وقالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ المَقدسيُّ : إذا أَخرَ التَّعريفَ عن الحَولِ الأوَّلِ معَ إِمكانِه أَثمَ لأنَّ النَّبيَّ أمَرَ به فيه والأَمرُ يَقتضي الوُجوبَ، وقالَ في حَديثِ عِياضِ بنِ حِمارٍ: «لا تَكتمْ ولا تُغيِّبْ». ولأنَّ ذلك وَسيلةٌ إلى أنْ لا يَعرفَها صاحِبُها، فإنَّ الظاهِرَ أنَّه بعدَ الحَولِ يَيأَسُ مِنها ويَسلُو عنها ويَتركَ طلَبَها.

ويَسقُطُ التَّعريفُ بتَأخيرِه عن الحَولِ الأَولِ في المَنصوصِ عن أَحمدَ؛ لأنَّ حِكمةَ التَّعريفِ لا تَحصلُ بعدَ الحَولِ الأَولِ، وإنْ ترَكَه في بعضِ الحَولِ عرَّفَ بَقيتَه.

ويَتخرَّج أنْ لا يَسقطَ التَّعريفُ لتَأخرِه؛ لأنَّه واجِبٌ فلا يَسقطُ بتَأخيرِه عن وَقتِه كالعِباداتِ وسائِرِ الواجِباتِ، ولأنَّ التَّعريفَ في الحَولِ الثانِي يَحصلُ به المَقصودُ على نوعٍ مِنْ القُصورِ فيَجبُ الإِتيانُ به؛ لقَولِ النَّبيِّ : «إذا أمَرتُكم بأَمرٍ فأتُوا مِنه ما استَطَعتُم». فعلى هذا إنْ أخَّرَ التَّعريفَ بعضَ الحَولِ أَتى بالتَّعريفِ في بَقيتِه وأَتمَّه مِنْ الحَولِ الثانِي، وعلى كلا القَولينِ لا يَملكُها بالتَّعريفِ فيما عدا الحَولَ الأوَّلَ؛ لأنَّ شَرطَ المُلكِ التَّعريفُ في الحَولِ الأوَّلِ ولَم يُوجدْ.


(١) «المغني» (٦/ ٤)، و «الكافي» (٢/ ٣٥٣)، و «المبدع» (٥/ ٢٨١)، و «الروض المربع» (٢/ ١٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>