للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثانِي: أنَّه إنْ أخَّرَ التَّعريفَ سَنةً ثُم عرَّفه بعدَ ذلك فهلَكَ ضمِنَها؛ لأنَّ الضَّمانَ إذا ضاعَت حالَ التَّعريفِ إنَّما يَكونُ إذا أخَّرَه سَنةً، وأمَّا إنْ أخَّرَه أَقلَ مِنْ سَنةٍ ثُم شرَعَ في التَّعريفِ فضاعَت فلا ضَمانَ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: المُبادَرةُ بالتَّعريفِ عَقبَ الالتِقاطِ لا تَجبُ على الأَصحِّ، بل المُعتبَرُ تَعريفُ سَنةٍ متى كانَ.

قالَ البَلقينيُّ: مَحلُّ جَوازِ التَّأخيرِ ما لَم يَغلبْ على ظنِّ المُلتقِطِ أنَّه يُفوتُ مَعرفةَ المالِكِ بالتَّأخيرِ، فإنْ غلَبَ على ظنِّه ذلك وجَبَ البِدارُ ولَم يَتعرَّضُوا له.

قالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ: وهذا ظاهِرٌ، وإذا لَم يُوجبْ المُبادرةَ يَنبغِي كما قالَ بَعضُ المُتأخِّرينَ أنْ يُؤرِّخَ وُجدانَ اللُّقطةِ في تَعريفِه ويُسندَه إلى وَقتِه، حتى يَكونَ ذلك في مُعاوضةِ ما جَرى منَ التَّأخيرِ المَنسيِّ (٢).

وذهَبَ الحَنابِلةُ إلى أنَّ التَّعريفَ يَجبُ حَولًا مِنْ حينِ التقَطَها فيُعرِّفُها عُقيبَ الالتِقاطِ في السَنةِ وتَكونُ مُتواليةً في نَفسِها؛ لأنَّ النبيَّ أمَرَ بتَعريفِها حينَ سُئلَ عنها، والأَمرُ يَقتضي الفَورَ، ولأنَّ القَصدَ بالتَّعريفِ وُصولُ الخبَرِ إلى صاحِبِها، وذلك يَحصلُ بالتَّعريفِ عُقيبَ ضَياعِها مُتواليًا؛


(١) «مواهب الجليل» (٨/ ٣٢)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٢٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٢٧).
(٢) «مغني المحتاج» (٣/ ٥١٤)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>