للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُشهدْ يَجبُ عليه الضَّمانُ عندَ أَبي حَنيفةَ، وعندَهما لا يَجبُ أَشهَدَ أو لَم يُشهدْ، ويكونُ القَولُ قَولَه معَ يَمينِه أنَّه أخَذَها لصاحِبِها.

ولو أقَرَّ أنَّه كانَ أخَذَها لنفسِه لا يَبرأُ عن الضَّمانِ إلا بالردِّ على المالِكِ لأنَّه ظهَرَ أنَّه أخَذَها غَصبًا فكانَ الواجِبُ عليه الردَّ إلى المالِكِ لقَولِه : «على اليَدِ ما أخَذَت حتى تَردَّه» فإذا عجَزَ عن ردِّ العَينِ يَجبُ عليه بَدَلُها كما في الغَصبِ.

وكذلك إذا أخَذَ الضَّالةَ ثُم أَرسلَها إلى مَكانِها الذي أخَذَها مِنه فحُكمُها حُكمُ اللُّقطةِ؛ لأنَّ هذا أَحدُ نَوعَي اللُّقطةِ؛ لِما رَواه الإِمامُ مَالكٌ عن يَحيَى بنِ سَعيدٍ عن سُليمانَ بنِ يَسارٍ أنَّ ثَابتَ بنَ الضَّحاكِ الأَنصاريَّ أَخبرَه «أنَّه وجَدَ بَعيرًا بالحَرَّةِ فعقَلَه، ثُم ذكَرَه لعُمرَ بنِ الخَطابِ، فأمَرَه عُمرُ أنْ يُعرِّفَه ثَلاثَ مَراتٍ، فقالَ له ثَابتٌ إنَّه قد شغَلَني عن ضَيْعَتي، فقالَ له عُمرُ: أَرسِلْه حيثُ وجَدْتَه» (١)، وهذا يَدلُّ على انتِفاءِ وُجوبِ الضَّمانِ (٢).

وقالَ المالِكيةُ: المُلتقِطُ إذا أخَذَ اللُّقطةَ ثُم ردَّها إلى مَوضعِها وضاعَت بعدَ الردِّ فهذا لا يَخلو من حالَتينِ:

الأولَى: أنْ يَأخذَها للحِفظِ أي للتَّعريفِ، فإذا أخَذَ اللُّقطةَ بنِيَّةِ الحفظِ وحازَها ثُم ردَّها بعدَ مُدةٍ إلى مَوضعِها أو إلى غيرِه ضمِنَها، وإنْ ردَّها عن قُربٍ فتَأويلانِ في الضَّمانِ وعَدمِه.


(١) رواه مالك في «الموطأ» (١٤٤٧).
(٢) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠١، ٢٠٢)، و «مجمع الضمانات» (١/ ٤٦٨)، و «درر الحكام» (٦/ ١١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>