للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على قدرَ حِصصِهم؛ لأنَّه بالتَّجهيلِ يَصيرُ مُسلِّطًا غُرماءَه ووَرثتَه على أَخذِها، والمُودَعُ بمِثلِ هذا التَّسليطِ يَصيرُ ضامِنًا، كما لو دلَّ سارِقًا على سَرقتِها، ولأنَّه التَزمَ أَداءَ الأَمانةِ، ومِن أَداءِ الأَمانةِ بَيانُها عندَ مَوتِه وردُّها على المالِكِ إذا طلَبَ، فكما يَضمنُ بتَركِ الردِّ بعدَ الطَّلبِ يَضمنُ أيضًا بتَركِ البَيانِ عندَ المَوتِ.

ولو قالَت الوَرثةُ إنَّها هلَكَت أو رُدَّت على المالِكِ لا يُصدَّقُونَ على ذلك إلا ببَينةٍ؛ لأنَّ المَوتَ مُجهِلًا سَببٌ لوُجوبِ الضَّمانِ؛ لكَونِه إِتلافًا، فكانَت دَعوى الهَلاكِ والردِّ دَعوى أَمرِ عارِضٍ فلا يُقبلُ إلا بحُجةٍ.

وهذا إذا أقَرَ المُودَعُ أنَّ عندَه وَديعةً أو أنَّ لفُلانٍ وَديعةً أو ثبَتَت ببَينةٍ أنَّه ماتَ وعندَه وَديعةٌ (١).

إلا أنَّ المالِكيةَ قالُوا: إذا ماتَ مُجهِلًا ومَضى عَشرةُ أَعوامٍ مِنْ يَومِ الإِيداعِ فلا تُؤخذُ مِنْ تَركتِه إذا لمْ تُوجدْ ولمْ يُوصِ بها، ويُحملُ على أنَّه ردَّها لربِّها إنْ لمْ تَكنْ أُودَعت ببَينةٍ تُوثقٍ -أي بَينةٍ مَقصودةٍ للتَّوثيقِ-، فإنْ أُودعَت ببَينةٍ مَقصودةٍ للتَّوثقِ أُخذَت مِنْ تَركتِه مُطلقًا، ولو زادَ الزَّمنُ على العَشرةِ سِنينَ (٢).


(١) «حاشية الدسوقي» (٥/ ١٣٠، ١٣١)، والمصادر الآتي ذكرها.
(٢) «التاج والإكليل» (٤/ ٢٦٩)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١١٣، ١١٤)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٣٠، ١٣١)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٥٣، ٣٥٤)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ١٦٩، ١٧٠)، ويُنْظَر: «المبسوط» (١١/ ١٢٩)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢١٣، ٢١٤)، و «الأشباه والنظائر» (٢٧٣)، و «مجمع الضمانات» (١/ ٢٣٢)، و «حاشية ابن عابدين» (٨/ ٤٣٣)، و «درر الحكام» (٧/ ١٤٩، ١٥٠)، و «معين الحكام» ص (١٥٨)، و «المغني» (٦/ ٣٠٦، ٣٠٧)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢٢٩)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٤٣)، و «شرح منتهى الإرادت» (٤/ ٢٥٦)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٢٠، ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>