للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُرادُ بالبَينةِ المَقصودةِ للتَّوثقِ هي التي يَقولُ مُشهدُها اشهَدُوا أنَّي إنما أشهَدْت خَوفَ دَعوى الرَّدِّ أو الجَحدِ، وأما إِشهادُها خَوفَ المَوتِ أو خَوفَ دَعوى التَّلفِ وما أشبَهَه مما يُعلمُ أنَّه لمْ يَقصدْ به التَّوثقَ فإنَّه يُصدقُ في دَعواه الرَّدَّ.

ويَكفي في كَونِها مَقصودةً للتَّوثقِ قَصدُ المُودِعِ -بالكسرِ-، ولا يَتوقفُ على عِلمِ المُودَعِ -بالفتحِ- أنَّ المُودِعَ -بالكسرِ- أشهَدَ تلك البَيِنةَ بقَصدِ التَّوثقِ.

وقيلَ: يُشترطُ في كَونِها للتَّوثقِ عِلمُ المُودَعِ -بالفتحِ- أنَّ المُودِعَ -بالكسرِ- قصَدَ بها التَّوثقَ (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ -وقيلَ إنَّه قَولُ ابنُ القاسِمِ مِنْ المالِكيةِ- إلى أنَّ المُودَعَ إذا ادَّعى ردَّ الوَديعةِ على مالِكِها فإنَّ القَولَ قَولُه مُطلقًا معَ يَمينِه؛ لأنَّه أخَذَ العَينَ لمَنفعةِ المالِكِ لا لمَنفعةِ نَفسِه، فكانَ القَولُ في الردِّ قولَه، وسَواءٌ كانَ المُودِعُ قد أشهَدَ عليه عندَ الدَّفعِ للوَديعةِ إليه أو لمْ يُشهدْ؛ لأنَّه لمَّا كانَ قَولُه في التَّلفِ مَقبولًا معَ الشَّهادةِ وعَدمِها وجَبَ أنْ يَكونَ قولُه في الردِّ مَقبولًا معَ الشَّهادةِ وعَدمِها (٢).


(١) «الفواكة الدواني» (٢/ ١٧٠).
(٢) «تحفة الفقهاء» (٣/ ١٨٢)، و «بدائع الصنائع» (٦/ ٢١١)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٣٣)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ٣٧١)، و «المهذب» (١/ ٣٦٢)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٣٧٣)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٤٥٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ١٥٠)، و «تحفة المحتاج» (٨/ ٣٥٣)، و «الديباج» (٣/ ١٢٢)، و «المغني» (٦/ ٣٠٨)، و «الشرح الكبير» (٧/ ٣١٦)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٣٨)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢١٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٢٤٧)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>