للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدفعُها بحيثُ إنْ لمْ يَفعلْ ذلك تعيَّنَت التُّهمةُ المُوجِبةُ للضَّمانِ، ولأنَّ أَصلَ اليدِ الضَّمانُ؛ لقَولِه : «على اليدِ ما أخَذَت حتى ترُدَّه» خالَفْناه في مَوانعِ الإِجماعِ فيَبقى على مُقتَضاه في صُورِ النِّزاعِ، ولأنَّه لولا الضَّمانُ حينَئذٍ لانتَفَت فائِدةُ الإِشهادِ، فإذا أزَلْناه لمْ يبقَ له فائِدةٌ (١).

جاءَ في «المُدوَّنة الكُبرى» فيمَن دفَعَ إلى رَجلٍ مالًا قِراضًا أو وَديعةً ببيِّنةٍ أو بغيرِ بيِّنةٍ.

(قُلْت): أَرأيتَ ما ذكَرْت عن مالِكٍ أنَّه قالَ إذا دفَعَ إليه المالَ وَديعةً أو قِراضًا ببَينةٍ فقالَ الذي أخَذَ المالَ بعدَ ذلك: قد ردَدْتُه، أنَّه لا يَبرأُ بقَولِه إنِّي قد ردَدْتُه، إلا أنْ يَكونَ له بَينةٌ؟ (قُلْت): لِمَ قالَ مالِكٌ ذلك؟ أليسَ أَصلُ أَخذِه هذا المالَ أَمانةً؟ فلِمَ لا يَبرأُ بقَولِه إنِّي قد دفَعْتُه؟ وقد قُلْت: قد قالَ مالِكٌ: إذا قالَ قد ضاعَ مني إنَّه مُصدَّقٌ وإنْ كانَت عليه بَينةٌ فلِمَ لا يُصدَّقُ إذا قالَ قد ردَدْتُه؟

(قالَ): لأنَّه حينَ دفَعَ إليه المالَ قد استوثَقَ منه الدَّافعُ، فلا يَبرأُ حتى يَستوثقَ هو أَيضًا إذا هو دفَعَ وإنْ كانَ أَصلُ المالِ أَمانةً، فإنَّه لا يَبرأُ إلا بالوَثيقةِ (٢).


(١) «المدونة الكبرى» (١٥/ ١٥٠، ١٥١)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ١٠٩، ١١٠)، رقم (٩٦٧)، و «المعونة» (٢/ ١٨٢)، و «الذخيرة» (٩/ ١٤٥)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٧٥)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٣٣)، و «الفواكة الدواني» (٢/ ١٧٠)، و «الإفصاح» (٢/ ٥)، و «الشرح الكبير مع المغني» (٧/ ٣١٦)، و «جامع العلوم والحكم» (٣١٣)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٣٨).
(٢) «المدونة الكبرى» (١٥/ ١٥٠، ١٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>