للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غشيانِ ما الغالِبُ منه الهَلاكُ فتلِفَت ضمَنَها الوَديعُ، سَواءٌ تلِفَت بالأَمرِ المَخوفِ أو غيرِه؛ لأنَّه مُفرِّطٌ به (١).

وقالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ : ربُّ الوَديعةِ إذا أمَرَ المُستودَعَ بحِفظِها في مَكانٍ عيَّنَه فحفِظَ فيه ولم يَخشَ عليها فلا ضَمانَ عليه بغيرِ خِلافٍ؛ لأنَّه مُمتثِلٌ لأَمرِه غيرُ مُفرِّطٍ في مالِه.

وإنْ خافَ عليها سَيلًا وتَوى -يَعني هَلاكًا- فأخرَجَها منه إلى حِرزِها فتلِفَت فلا ضَمانَ عليه بغيرِ خِلافٍ أَيضًا؛ لأنَّ نَقلَها في هذه الحالِ تعيَّنَ حِفظًا لها، وهو مَأمورٌ بحِفظِها.

وإنْ ترَكَها معَ الخَوفِ فتلِفَت ضمِنَها، سَواءٌ تلِفَت بالأَمرِ المَخوفِ أو بغيرِه؛ لأنَّه فرَّطَ في حِفظِها؛ لأنَّ حِفظَها نَقلُها وتَركُها تَضييعٌ لها.

وإنْ لمْ يَخفْ عليها فنقَلَها عن الحِرزِ إلى دونِه ضمِنَها؛ لأنَّه خالَفَه في الحِفظِ المَأمورِ به.

وإنْ نقَلَها إلى دونِه عندَ الخَوفِ عليها نظَرْنا، فإنْ أمكَنَه إِحرازُها بمِثلِه أو أَعلى منه ضمِنَها أَيضًا لتَفريطِه، وإنْ لمْ يُمكنْه إِحرازُها إلا بما دونَه لمْ يَضمنْها؛ لأنَّ إِحرازَها بذلك أَحفظُ لها مِنْ تَركِه، وليسَ في وُسعِه سواه (٢).

وقد حُكيَ عن بعضِهم أنَّه لا يَجبُ عليه ضَمانٌ إذا لمْ يُخرِجْها.


(١) «كشاف القناع» (٤/ ٢٠٦)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ١٥٠، ١٥١).
(٢) «المغني» (٦/ ٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>